للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابْتِدَاءً، أَوْ بَعْدَ الأَْمْرِ بِالطَّلاَقِ، تَصْبِرُ لَهُ بِالاِجْتِهَادِ بِمَا يَرَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ بِيَوْمٍ أَوْ أَكْثَرَ، وَزِيدَ فِي مُدَّةِ التَّلَوُّمِ إِنْ مَرِضَ أَوْ سُجِنَ بَعْدَ إِثْبَاتِ الْعُسْرِ، لاَ فِي زَمَنِ إِثْبَاتِهِ، فَيُزَادُ بِقَدْرِ مَا يُرْجَى لَهُ شَيْءٌ، وَهَذَا إِذَا رُجِيَ بُرْؤُهُ مِنَ الْمَرَضِ وَخَلاَصُهُ مِنَ السِّجْنِ عَنْ قُرْبٍ، وَإِلاَّ طَلَّقَ عَلَيْهِ وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ غِيَابُ الزَّوْجِ أَوْ حُضُورُهُ، وَالزَّوْجُ الْغَائِبُ الَّذِي يُتَلَوَّمُ لَهُ هُوَ الَّذِي لَمْ يُوجَدْ عِنْدَهُ مَا يُقَابِل النَّفَقَةَ، وَلَمْ يُعْلَمْ مَوْضِعُهُ، أَوْ زَادَتْ غَيْبَتُهُ عَلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ.

وَأَمَّا قَرِيبُ الْغَيْبَةِ كَثَلاَثَةِ أَيَّامٍ، فَإِنَّهُ يُرْسِل إِلَيْهِ الْحَاكِمُ، إِمَّا أَنْ تُنْفِقَ عَلَيْهَا أَوْ يُطَلِّقَ عَلَيْكَ. (١)

وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ الْمُمْتَنِعَ مِنَ الإِْنْفَاقِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا.

فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا فَعِنْدَهُمْ قَوْلاَنِ، أَصَحُّهُمَا: أَنَّهُ لاَ يُفْسَخُ النِّكَاحُ حَاضِرًا كَانَ الزَّوْجُ أَوْ غَائِبًا، لاِنْتِفَاءِ الإِْعْسَارِ الْمُوجِبِ لِلْفَسْخِ، وَهِيَ مُتَمَكِّنَةٌ مِنْ تَحْصِيل حَقِّهَا بِالرَّفْعِ إِلَى الْحَاكِمِ. وَالثَّانِي: أَنَّ لَهَا الْفَسْخَ لِتَضَرُّرِهَا بِالْمَنْعِ.

وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا، فَإِنْ صَبَرَتْ، وَأَنْفَقَتْ مِنْ مَالِهَا أَوِ الْقَرْضِ صَارَتْ دَيْنًا عَلَيْهِ، وَإِلاَّ فَلَهَا الْفَسْخُ فِي الأَْظْهَرِ، كَمَا تَفْسَخُ بِالْجَبِّ وَالْعُنَّةِ، بَل هَذَا أَوْلَى، لأَِنَّ الصَّبْرَ عَلَى عَدَمِ الاِسْتِمْتَاعِ أَسْهَل مِنَ الصَّبْرِ عَلَى عَدَمِ النَّفَقَةِ، وَالثَّانِي: لاَ فَسْخَ لَهَا لأَِنَّ الْمُعْسِرَ مُنْظَرٌ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} (٢) وَلاَ فَسْخَ حَتَّى يَثْبُتَ عِنْدَ قَاضٍ إِعْسَارُهُ بِالإِْقْرَارِ أَوِ الْبَيِّنَةِ.

ثُمَّ فِي قَوْلٍ يُنَجَّزُ الْفَسْخُ لِلإِْعْسَارِ بِالنَّفَقَةِ وَقْتَ


(١) حاشية الدسوقي ٢ / ٥١٨ - ٥١٩.
(٢) سورة البقرة / ٢٨٠.