للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَلَى أَنَّ الإِْفْلاَسَ يَتَحَقَّقُ عِنْدَهُمَا بِقَضَاءِ الْقَاضِي، وَعِنْدَهُ لاَ. (١)

وَهِيَ كَذَلِكَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، فَإِنْ أَحَالَهُ عَلَى مَلِيءٍ فَأَفْلَسَ أَوْ جَحَدَ الْحَقَّ وَحَلَفَ عَلَيْهِ لَمْ يَرْجِعْ إِلَى الْمُحِيل، لأَِنَّهُ انْتَقَل حَقُّهُ إِلَى مَالٍ يَمْلِكُ بَيْعَهُ فَسَقَطَ حَقُّهُ فِي الرُّجُوعِ، كَمَا لَوْ أَخَذَ بِالدَّيْنِ سِلْعَةً ثُمَّ تَلِفَتْ بَعْدَ الْقَبْضِ.

وَإِنْ أَحَالَهُ عَلَى رَجُلٍ بِشَرْطِ أَنَّهُ مَلِيءٌ فَبَانَ أَنَّهُ مُعْسِرٌ، فَقَدْ ذَكَرَ الْمُزَنِيُّ أَنَّهُ لاَ خِيَارَ لَهُ، وَأَنْكَرَ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ سُرَيْجٍ هَذَا وَقَال: لَهُ الْخِيَارُ، لأَِنَّهُ غَرَّهُ بِالشَّرْطِ فَثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ، كَمَا لَوْ بَاعَهُ بَقَرَةً بِشَرْطِ أَنَّهَا حَلُوبٌ، ثُمَّ بَانَ أَنَّهَا لَيْسَتْ كَذَلِكَ.

وَقَال عَامَّةُ الأَْصْحَابِ: لاَ خِيَارَ لَهُ لأَِنَّ الإِْعْسَارَ نَقْصٌ، فَلَوْ ثَبَتَ بِهِ الْخِيَارُ لَثَبَتَ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ كَالْعَيْبِ فِي الْمَبِيعِ، وَيُخَالِفُ الصِّفَةَ الْمَرْغُوبَةَ، فَإِنَّ عَدَمَهَا لَيْسَ بِنَقْصٍ وَإِنَّمَا هُوَ عَدَمُ فَضِيلَةٍ، فَاخْتَلَفَ الأَْمْرُ فِيهِ بَيْنَ أَنْ يُشْرَطَ وَبَيْنَ أَلاَّ يُشْرَطَ. (٢)

وَالْمَالِكِيَّةُ كَذَلِكَ يَرَوْنَ أَنَّهُ إِنْ شَرَطَ الْمُحَال عَلَى الْمُحِيل إِنْ أَفْلَسَ الْمُحَال عَلَيْهِ رَجَعَ عَلَى الْمُحِيل فَلَهُ شَرْطُهُ. وَنَقَلَهُ الْبَاجِيُّ كَأَنَّهُ الْمَذْهَبُ، وَقَال ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا صَحِيحٌ لاَ أَعْلَمُ فِيهِ خِلاَفًا. (٣)


(١) الاختيار شرح المختار ٢ / ٦٧ - ٦٨ ط مصطفى الحلبي ١٩٣٦.
(٢) المهذب في فقه الإمام الشافعي ١ / ٣٤٤ - ٣٤٥ ط مصطفى الحلبي.
(٣) لشرح الكبير وحاشية الدسوقي عليه ٣٣ / ٣٢٥، ٣٢٨، والشرح الصغير وحاشية الصاوي عليه ٢ / ١٣٩ - ١٤١ الطبعة الثانية بالمطبعة العامرة المليجية ١٣٣٥ هـ.