للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشَّافِعِيَّةِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ، أَيْ سَوَاءٌ تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ أَوْ جُهِل الْحَال، وَإِنَّمَا حَمَلُوهُ عَلَيْهِ جَمْعًا بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ.

وَقِيل: إِنْ وَرَدَا مَعًا حُمِل الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ لأَِنَّ السَّبَبَ الْوَاحِدَ لاَ يُوجِبُ الْمُتَنَافِيَيْنِ، وَالْمَعِيَّةُ قَرِينَةُ الْبَيَانِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى {فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ} (١) مَعَ الْقِرَاءَةِ الشَّاذَّةِ الَّتِي اشْتُهِرَتْ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ: فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ فَمِنْ ذَلِكَ أَخَذَ الْحَنَفِيَّةُ وُجُوبَ التَّتَابُعِ فِي صِيَامِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ.

وَإِنْ عُلِمَ تَأَخُّرُ الْمُقَيَّدِ فَهُوَ نَاسِخٌ لِلْمُطْلَقِ نَسْخًا جُزْئِيًّا، وَقِيل: يُحْمَل الْمُقَيَّدُ عَلَى الْمُطْلَقِ بِأَنْ يُلْغَى الْقَيْدُ (٢) .

وُقُوعُ حُكْمَيْنِ بِعِلَّةٍ وَاحِدَةٍ:

٥ - الْمُخْتَارُ جَوَازُ وُقُوعُ حُكْمَيْنِ بِعِلَّةٍ وَاحِدَةٍ، إِثْبَاتًا، كَالسَّرِقَةِ لِلْقَطْعِ، وَالْغُرْمِ حِينَ يَتْلَفُ الْمَسْرُوقُ عِنْدَ مَنْ يَرَى الْجَمْعَ بَيْنَ الْقَطْعِ وَالضَّمَانِ. أَوْ نَفْيًا، كَالْقَتْل عِلَّةٌ لِلْحِرْمَانِ مِنَ الإِْرْثِ وَالْوَصِيَّةِ.

وَقِيل: يَمْتَنِعُ تَعْلِيل حُكْمَيْنِ بِعِلَّةٍ بِنَاءً عَلَى اشْتِرَاطِ الْمُنَاسَبَةِ فِيهَا؛ لأَِنَّ مُنَاسَبَتَهَا لِحُكْمٍ تُحَصِّل الْمَقْصُودَ مِنْهَا، فَلَوْ نَاسَبَتْ آخَرَ لَزِمَ تَحْصِيل الْحَاصِل. وَأُجِيبَ بِمَنْعِ ذَلِكَ.


(١) سورة المائدة / ٨٩
(٢) شرح مسلم الثبوت ١ / ٣٦٢، ٣٦٤، وشرح جمع الجوامع ٢ / ٤٩، ٥٠