للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِالنِّسْبَةِ لِلْمُسْتَقْبَل. وَأَمَّا الإِْقَالَةُ فَقَدِ اعْتَبَرَهَا بَعْضُهُمْ فَسْخًا، وَاعْتَبَرَهَا آخَرُونَ بَيْعًا (١)

. حُكْمُ الإِْقَالَةِ التَّكْلِيفِيِّ:

٤ - الإِْقَالَةُ دَائِرَةٌ بَيْنَ النَّدْبِ وَالْوُجُوبِ بِحَسَبِ حَالَةِ الْعَقْدِ، فَإِنَّهَا تَكُونُ مَنْدُوبًا إِلَيْهَا إِذَا نَدِمَ أَحَدُ الطَّرَفَيْنِ، لِحَدِيثِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَرْوِيهِ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: {مَنْ أَقَال مُسْلِمًا بَيْعَتَهُ أَقَال اللَّهُ عَثْرَتَهُ} (٢) . وَقَدْ دَل الْحَدِيثُ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الإِْقَالَةِ، وَعَلَى أَنَّهَا مَنْدُوبٌ إِلَيْهَا، لِوَعْدِ الْمُقِيلِينَ بِالثَّوَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَأَمَّا كَوْنُ الْمُقَال مُسْلِمًا فَلَيْسَ بِشَرْطٍ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ لِكَوْنِهِ حُكْمًا أَغْلَبِيًّا، وَإِلاَّ فَثَوَابُ الإِْقَالَةِ ثَابِتٌ فِي إِقَالَةِ غَيْرِ الْمُسْلِمِ، وَقَدْ وَرَدَ بِلَفْظِ: {مَنْ أَقَال نَادِمًا. . .} . وَتَكُونُ الإِْقَالَةُ وَاجِبَةً إِذَا كَانَتْ بَعْدَ عَقْدٍ مَكْرُوهٍ أَوْ بَيْعٍ فَاسِدٍ، لأَِنَّهُ إِذَا وَقَعَ الْبَيْعُ فَاسِدًا أَوْ مَكْرُوهًا وَجَبَ عَلَى كُلٍّ مِنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ الرُّجُوعُ إِلَى مَا كَانَ لَهُ مِنْ رَأْسِ الْمَال صَوْنًا لَهُمَا عَنِ الْمَحْظُورِ، لأَِنَّ رَفْعَ الْمَعْصِيَةِ وَاجِبٌ بِقَدْرِ الإِْمْكَانِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ بِالإِْقَالَةِ أَوْ بِالْفَسْخِ. كَمَا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الإِْقَالَةُ وَاجِبَةً إِذَا كَانَ الْبَائِعُ غَارًّا لِلْمُشْتَرِي وَكَانَ الْغَبْنُ يَسِيرًا، وَإِنَّمَا قُيِّدَ الْغَبْنُ


(١) فتح القدير ٦ / ٤٨٩ - ٤٩١.
(٢) حديث: من أقال مسلما. . . . . . " أخرجه أبو داود ٣ / ٧٣٨ - ط عزت عبيد دعاس. وصححه ابن دقيق العيد كما في الفيض للمناوي ٦ / ٧٩ - ط المكتبة التجارية.