للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صَلاَةِ الْمَأْمُومِ، كَمَا هُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ فِي أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ، بَل فِي أَنَصِّهِمَا عَنْهُ. وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، اخْتَارَهُ الْقَفَّال وَغَيْرُهُ. (١)

وَاسْتَدَل الإِْمَامُ أَحْمَدُ لِهَذَا الاِتِّجَاهِ بِأَنَّ الصَّحَابَةَ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - كَانَ يُصَلِّي بَعْضُهُمْ خَلْفَ بَعْضٍ عَلَى اخْتِلاَفِهِمْ فِي الْفُرُوعِ. وَأَنَّ الْمَسَائِل الْخِلاَفِيَّةَ لاَ تَخْلُو إِمَّا أَنْ يُصِيبَ الْمُجْتَهِدُ فَيَكُونَ لَهُ أَجْرَانِ: أَجْرُ اجْتِهَادِهِ وَأَجْرُ إِصَابَتِهِ، أَوْ أَنْ يُخْطِئَ فَلَهُ أَجْرٌ وَاحِدٌ وَهُوَ أَجْرُ اجْتِهَادِهِ، وَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ فِي الْخَطَأِ. (٢)

أَحْوَال الْمُقْتَدِي:

٢٦ - الْمُقْتَدِي إِمَّا مُدْرِكٌ، أَوْ مَسْبُوقٌ، أَوْ لاَحِقٌ، فَالْمُدْرِكُ: مَنْ صَلَّى الرَّكَعَاتِ كَامِلَةً مَعَ الإِْمَامِ، أَيْ أَدْرَكَ جَمِيعَ رَكَعَاتِهَا مَعَهُ، سَوَاءٌ أَأَدْرَكَ مَعَهُ التَّحْرِيمَةَ أَوْ أَدْرَكَهُ فِي جُزْءٍ مِنْ رُكُوعِ الرَّكْعَةِ الأُْولَى إِلَى أَنْ قَعَدَ مَعَهُ الْقَعْدَةَ الأَْخِيرَةَ، وَسَوَاءٌ أَسَلَّمَ مَعَهُ أَمْ قَبْلَهُ (٣) .

وَالْمُدْرِكُ يُتَابِعُ إِمَامَهُ فِي أَفْعَالِهِ وَأَقْوَالِهِ، إِلاَّ فِي حَالاَتٍ خَاصَّةٍ تُذْكَرُ فِي كَيْفِيَّةِ الاِقْتِدَاءِ.

٢٧ - وَالْمَسْبُوقُ: مَنْ سَبَقَهُ الإِْمَامُ بِكُل الرَّكَعَاتِ بِأَنِ اقْتَدَى بِالإِْمَامِ بَعْدَ رُكُوعِ الأَْخِيرَةِ، أَوْ بِبَعْضِ الرَّكَعَاتِ (٤) . وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي حُكْمِهِ، فَقَال


(١) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ٢٣ / ٣٥٢، ٣٧٢. وحديث: " أئمتكم يصلون لكم. . . " أخرجه البخاري (الفتح ٢ / ١٨٧ - ط السلفية) .
(٢) المغني ٢ / ١٩٠و١٩١.
(٣) ابن عابدين ١ / ٣٩٩.
(٤) كشاف القناع ١ / ٤٦١، والفتاوى الهندية ١ / ٩١، وابن عابدين ١ / ٤٠٠.