للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ، وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي الْمَذْهَبِ، أَنَّ الْمَسْبُوقَ يَقْضِي أَوَّل صَلاَتِهِ فِي حَقِّ الْقِرَاءَةِ، وَآخِرَهَا فِي حَقِّ التَّشَهُّدِ، فَمُدْرِكُ رَكْعَةٍ مِنْ غَيْرِ فَجْرٍ يَأْتِي بِرَكْعَتَيْنِ بِفَاتِحَةٍ وَسُورَةٍ وَتَشَهُّدٍ بَيْنَهُمَا، وَبِرَابِعَةِ الرُّبَاعِيِّ بِفَاتِحَةٍ فَقَطْ، وَلاَ يَعْقِدُ قَبْلَهُمَا، فَهُوَ قَاضٍ فِي حَقِّ الْقَوْل عَمَلاً بِرِوَايَةِ: وَمَا فَاتَكُمْ فَاقْضُوا لَكِنَّهُ بَانٍ عَلَى صَلاَتِهِ فِي حَقِّ الْفِعْل عَمَلاً بِرِوَايَةِ: وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا وَذَلِكَ تَطْبِيقًا لِقَاعِدَةِ الأُْصُولِيِّينَ: (إِذَا أَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ جُمِعَ) فَحَمَلْنَا رِوَايَةَ الإِْتْمَامِ عَلَى الأَْفْعَال، وَرِوَايَةَ الْقَضَاءِ عَلَى الأَْقْوَال. (١)

٢٨ - وَاللاَّحِقُ: هُوَ مَنْ فَاتَتْهُ الرَّكَعَاتُ كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا بَعْدَ اقْتِدَائِهِ بِعُذْرٍ، كَغَفْلَةٍ وَزَحْمَةٍ، وَسَبْقِ حَدَثٍ وَنَحْوِهَا، أَوْ بِغَيْرِ عُذْرٍ كَأَنْ سَبَقَ إِمَامَهُ فِي رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ، كَمَا عَرَّفَهُ الْحَنَفِيَّةُ، وَهُوَ الْمُتَخَلِّفُ عَنِ الإِْمَامِ بِرُكْنٍ أَوْ أَكْثَرَ، كَمَا عَبَّرَ عَنْهُ غَيْرُ الْحَنَفِيَّةِ.

وَحُكْمُ اللاَّحِقِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ كَمُؤْتَمٍّ، لاَ يَأْتِي بِقِرَاءَةٍ وَلاَ سُجُودِ سَهْوٍ، وَلاَ يَتَغَيَّرُ فَرْضُهُ بِنِيَّةِ إِقَامَةٍ، وَيَبْدَأُ بِقَضَاءِ مَا فَاتَهُ بِعُذْرٍ، ثُمَّ يُتَابِعُ الإِْمَامَ إِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ فَرَغَ، عَكْسُ الْمَسْبُوقِ. (٢)

وَقَال الْجُمْهُورُ: (الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ) إِنْ تَخَلَّفَ عَنِ الإِْمَامِ بِرَكْعَةٍ فَأَكْثَرَ بِعُذْرٍ، مِنْ نَوْمٍ أَوْ غَفْلَةٍ، تَابَعَ إِمَامَهُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ صَلاَتِهِ، وَيَقْضِي مَا سَبَقَهُ الإِْمَامُ بِهِ بَعْدَ سَلاَمِ الإِْمَامِ كَالْمَسْبُوقِ، وَإِنْ تَخَلَّفَ بِرُكْنَيْنِ بِغَيْرِ عُذْرٍ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ عِنْدَهُمْ. وَكَذَلِكَ لَوْ تَخَلَّفَ بِرُكْنٍ وَاحِدٍ عَمْدًا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ،


(١) ابن عابدين ١ / ٤٠١، والدسوقي ١ / ٣٤٦.
(٢) الفتاوى الهندية ١ / ٩١، وابن عابدين ١ / ٤٠٠.