للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النَّجَاسَاتِ. (١)

وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: الأَْعْمَى وَالْبَصِيرُ سَوَاءٌ لِتَعَارُضِ فَضْلَيْهِمَا، لأَِنَّ الأَْعْمَى لاَ يَنْظُرُ مَا يَشْغَلُهُ فَهُوَ أَخْشَعُ، وَالْبَصِيرُ يَنْظُرُ الْخَبَثَ فَهُوَ أَقْدَرُ عَلَى تَجَنُّبِهِ، وَهَذَا إِذَا كَانَ الأَْعْمَى لاَ يَتَبَذَّل، أَمَّا إِذَا تَبَذَّل أَيْ تَرَكَ الصِّيَانَةَ عَنِ الْمُسْتَقْذَرَاتِ، كَأَنْ لَبِسَ ثِيَابَ الْبِذْلَةِ، كَانَ الْبَصِيرُ أَوْلَى مِنْهُ. (٢)

أَمَّا الأَْخْرَسُ فَلاَ يَجُوزُ الاِقْتِدَاءُ بِهِ، لأَِنَّهُ يَتْرُكُ أَرْكَانَ الصَّلاَةِ مِنَ التَّحْرِيمَةِ وَالْقِرَاءَةِ. حَتَّى إِنَّ الشَّافِعِيَّةَ وَالْحَنَابِلَةَ صَرَّحُوا بِعَدَمِ جَوَازِ الاِقْتِدَاءِ بِالأَْخْرَسِ، وَلَوْ كَانَ الْمُقْتَدِي مِثْلَهُ، (٣) وَصَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ أَنَّ الأَْخْرَسَ أَسْوَأُ حَالاً مِنَ الأُْمِّيِّ، لِقُدْرَةِ الأُْمِّيِّ عَلَى التَّحْرِيمَةِ دُونَ الأَْخْرَسِ، فَلاَ يَجُوزُ اقْتِدَاءُ الأُْمِّيِّ بِالأَْخْرَسِ، وَيَجُوزُ الْعَكْسُ (٤) .

الاِقْتِدَاءُ بِمَنْ يُخَالِفُهُ فِي الْفُرُوعِ:

٤٣ - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي صِحَّةِ الاِقْتِدَاءِ بِإِمَامٍ يُخَالِفُ الْمُقْتَدِيَ فِي الْفُرُوعِ، إِذَا كَانَ الإِْمَامُ يَتَحَامَى مَوَاضِعَ الْخِلاَفِ، بِأَنْ يَتَوَضَّأَ مِنَ الْخَارِجِ النَّجَسِ مِنْ غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ كَالْفَصْدِ مَثَلاً، وَلاَ يَنْحَرِفُ عَنِ الْقِبْلَةِ انْحِرَافًا فَاحِشًا، وَيُرَاعِي الدَّلْكَ وَالْمُوَالاَةَ فِي الْوُضُوءِ، وَالطُّمَأْنِينَةَ فِي الصَّلاَةِ. (٥)

وَكَذَلِكَ يَصِحُّ الاِقْتِدَاءُ بِإِمَامٍ مُخَالِفٍ فِي الْمَذْهَبِ


(١) ابن عابدين ١ / ٣٩٩، والدسوقي ١ / ٣٣٣، وكشاف القناع ١ / ٤٧٦، والمغني لابن قدامة ٢ / ١٩٥.
(٢) مغني المحتاج ١ / ٤٤١.
(٣) الشرواني على التحفة ٢ / ٢٨٥، وكشاف القناع ١ / ٤٧٦، والمغني لابن قدامة ٢ / ١٩٤.
(٤) ابن عابدين ١ / ٣٩٩.
(٥) الفتاوى الهندية ١ / ٨٤، وابن عابدين ١ / ٣٧٨، ٣٧٩، والدسوقي ١ / ٣٣٣، وجواهر الإكليل ١ / ٨٠، ومغني المحتاج ١ / ٢٣٨، وكشاف القناع ١ / ٤٧٨.