للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

غَيْرَ أَنَّ هُنَاكَ بَعْضَ حَالاَتٍ لاَ بُدَّ فِيهَا لِلْحُكْمِ بِمُقْتَضَى الإِْقْرَارِ مِنْ إِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ أَيْضًا. وَهَذَا إِذَا مَا طَلَبَ تَعَدِّيَ الْحُكْمِ إِلَى الْغَيْرِ. فَلَوِ ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى مَدِينِ الْمَيِّتِ أَنَّهُ وَصِيُّهُ فِي التَّرِكَةِ، وَصَدَّقَهُ الْمَدِينُ فِي دَعْوَى الْوِصَايَةِ وَالدَّيْنِ، فَإِنَّ الْوِصَايَةَ لاَ تَثْبُتُ بِهَذَا الإِْقْرَارِ بِالنِّسْبَةِ لِمَدِينٍ آخَرَ يُنْكِرُ الْوِصَايَةَ وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ إِلَى بَيِّنَةٍ.

وَفِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ: أَحَدُ الْوَرَثَةِ أَقَرَّ بِالدَّيْنِ الْمُدَّعَى بِهِ عَلَى مُورَثِهِ، وَجَحَدَهُ الْبَاقُونَ، يَلْزَمُهُ الدَّيْنُ كُلُّهُ إِنْ وَفَّتْ حِصَّتُهُ مِنَ الْمِيرَاثِ بِهِ، وَقِيل: لاَ يَلْزَمُهُ إِلاَّ حِصَّتُهُ مِنَ الدَّيْنِ رَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُ، لأَِنَّهُ إِنَّمَا أَقَرَّ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِكُل التَّرِكَةِ.

وَهُوَ قَوْل الشَّعْبِيِّ وَالْبَصْرِيِّ وَالثَّوْرِيِّ وَمَالِكٍ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَابِدِينَ، وَلَوْ شَهِدَ هَذَا الْمُقِرُّ مَعَ آخَرَ أَنَّ الدَّيْنَ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ، وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهُ إِلاَّ مَا يَخُصُّهُ.

وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّهُ لاَ يَحِل الدَّيْنُ فِي نَصِيبِهِ بِمُجَرَّدِ إِقْرَارِهِ، بَل بِقَضَاءِ الْقَاضِي عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ. يَقُول ابْنُ عَابِدِينَ: وَلَوْ أَقَرَّ مَنْ عِنْدَهُ الْعَيْنُ أَنَّهُ وَكِيلٌ بِقَبْضِهَا لاَ يَكْفِي إِقْرَارُهُ، وَيُكَلَّفُ الْوَكِيل إِقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى إِثْبَاتِ الْوَكَالَةِ حَتَّى يَكُونَ لَهُ قَبْضُ ذَلِكَ.

ثُمَّ الإِْقْرَارُ حُجَّةٌ فِي النَّسَبِ، وَيَثْبُتُ بِهِ النَّسَبُ إِلاَّ إِذَا كَذَّبَهُ الْوَاقِعُ، كَأَنْ يُقِرَّ بِنَسَبِ مَنْ لاَ يُولَدُ مِثْلُهُ لِمِثْلِهِ. (١)


(١) حاشية ابن عابدين ٤ / ٤٥٦ - ٤٥٧، والزرقاني على خليل ٦ / ١٠٤، ١٠٥، ومغني المحتاج ٢ / ٢٥٩، وابن عابدين ٤ / ٤٦٥، والمغني ٥ / ٢٠٠.