للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صَحَّ إِقْرَارُهُ بِغَيْرِ الزِّنَا صَحَّ إِقْرَارُهُ بِهِ كَالنَّاطِقِ. وَقَال أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ: لاَ يُحَدُّ، لأَِنَّ الإِْشَارَةَ تَحْتَمِل مَا فُهِمَ مِنْهَا وَغَيْرَهُ، فَيَكُونُ ذَلِكَ شُبْهَةً فِي دَرْءِ الْحَدِّ، وَهُوَ احْتِمَال كَلاَمِ الْخِرَقِيِّ (١) .

٥٦ - وَقَدْ سَبَقَ الْكَلاَمُ عَنْ إِقْرَارِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالسَّكْرَانِ وَالْمُكْرَهِ وَأَثَرِ ذَلِكَ كُلِّهِ فِي الإِْقْرَارِ. كَمَا أَنَّ تَكْذِيبَ الْمُقَرِّ لَهُ لِلْمُقِرِّ فِيمَا أَقَرَّ بِهِ، أَوْ ظُهُورَ كَذِبِ الْمُقِرِّ - كَمِنْ يُقِرُّ بِالزِّنَا فَظَهَرَ مَجْبُوبًا - مَانِعٌ مِنْ إِقَامَةِ الْحَدِّ، لِتَيَقُّنِ كَذِبِ الإِْقْرَارِ. (٢)

وَلَوْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ وَكَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ، وَكَانَ أَهْلاً لِلتَّكْذِيبِ، فَلاَ يَصِحُّ، لأَِنَّهُ مُنْكِرٌ، وَالْقَوْل لَهُ، كَإِقْرَارِهِ بِدَيْنٍ بِسَبَبِ كَفَالَةٍ (٣) . وَيَقُول الشِّيرَازِيُّ: لَوْ أَقَرَّ لِرَجُلٍ بِمَالٍ فِي يَدِهِ فَكَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ بَطَل الإِْقْرَارُ، لأَِنَّهُ رَدَّهُ، وَفِي الْمَال وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ وَيُحْفَظُ لأَِنَّهُ لاَ يَدَّعِيهِ، وَالْمُقَرُّ لَهُ لاَ يَدَّعِيهِ، فَوَجَبَ عَلَى الإِْمَامِ حِفْظُهُ كَالْمَال الضَّائِعِ.

وَالثَّانِي: لاَ يُؤْخَذُ مِنْهُ، لأَِنَّهُ مَحْكُومٌ لَهُ بِمِلْكِهِ، فَإِذَا رَدَّهُ الْمُقَرُّ لَهُ بَقِيَ فِي مِلْكِهِ. (٤)

وَفِي الْمُغْنِي: لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ زَنَى بِامْرَأَةٍ فَكَذَّبَتْهُ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ دُونَهَا، وَبِهِ قَال الشَّافِعِيُّ، لأَِنَّ اسْتِيفَاءَ ثُبُوتِهِ فِي حَقِّهَا لاَ يُبْطِل إِقْرَارَهُ، كَمَا لَوْ سَكَتَتْ، وَقَال


(١) المغني ٨ / ١٩٥ - ١٩٦، والهداية مع الفتح ٤ / ١١٧، والمبسوط ٩ / ٩٨.
(٢) البحر الرائق ٥ / ٧، والمبسوط ٩ / ٩٨، والطرق الحكمية ص ٨٣ - ٨٥، والمهذب ٢ / ٣٤٧.
(٣) الدر المختار مع حاشية ابن عابدين ٤ / ٤٥٥.
(٤) المهذب ٢ / ٣٤٧، ونهاية المحتاج ٥ / ٧٥، وروض الطالب من أسنى المطالب ٢ / ٢٩٣.