للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَلَى أَقَل مِنْهُ إِلاَّ مَجَازًا، حَتَّى لَوْ حَلَفَ لاَ يَتَزَوَّجُ نِسَاءً لاَ يَحْنَثُ بِتَزَوُّجِ امْرَأَتَيْنِ.

وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ كَحُجَّةِ الإِْسْلاَمِ الْغَزَالِيِّ، وَسِيبَوَيْهِ مِنَ النُّحَاةِ، إِلَى أَنَّ أَقَل الْجَمْعِ اثْنَانِ حَقِيقَةً، حَتَّى يَحْنَثَ بِتَزَوُّجِ امْرَأَتَيْنِ.

وَقِيل: لاَ يَصِحُّ لِلاِثْنَيْنِ لاَ حَقِيقَةً وَلاَ مَجَازًا.

وَبَعْدَ عَرْضِ أَدِلَّةِ كُل فَرِيقٍ، وَالرَّدِّ عَلَيْهَا، يَذْكُرُ صَاحِبَا التَّلْوِيحِ وَمُسَلَّمِ الثُّبُوتِ أَنَّ النِّزَاعَ لَيْسَ فِي لَفْظِ الْجَمْعِ الْمُؤَلَّفِ مِنْ (ج م ع) وَإِنَّمَا النِّزَاعُ فِي الْمُسَمَّى، أَيْ فِي الصِّيَغِ الْمُسَمَّاةِ بِهِ، كَرِجَالٍ وَمُسْلِمِينَ. (١)

وَذَكَرَ الْقُرْطُبِيُّ عِنْدَ تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُِمِّهِ السُّدُسُ} (٢) أَنَّ أَقَل الْجَمْعِ اثْنَانِ، لأَِنَّ التَّثْنِيَةَ جَمْعُ شَيْءٍ إِلَى مِثْلِهِ، وَاسْتَدَل بِرَأْيِ سِيبَوَيْهِ فِيمَا يَرْوِيهِ عَنِ الْخَلِيل.

وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقُرْطُبِيَّ أَرَادَ بِقَوْلِهِ: إِنَّ أَقَل الْجَمْعِ اثْنَانِ - الْمِيرَاثَ؛ لأَِنَّهُ قَال بَعْدَ ذَلِكَ: وَمِمَّنْ قَال: إِنَّ أَقَل الْجَمْعِ ثَلاَثَةٌ - وَإِنْ لَمْ يَقُل بِهِ هُنَا - (يَقْصِدُ الْمِيرَاثَ) ابْنُ مَسْعُودٍ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَغَيْرُهُمْ. (٣)

وَبِالنَّظَرِ فِي أَبْوَابِ الْفِقْهِ الْمُخْتَلِفَةِ نَجِدُ أَنَّ أَقَل الْجَمْعِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ ثَلاَثَةٌ فَصَاعِدًا عَدَا الْمِيرَاثَ، (٤) وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ.


(١) التلويح على التوضيح ١ / ٥٠ ط صبيح، ومسلم الثبوت ١ / ٢٦٩.
(٢) سورة النساء / ١١.
(٣) تفسير القرطبي ٥ / ٧٢، ٧٣ ط دار الكتب.
(٤) منتهى الإرادات ٢ / ٥١٤، ٥٦١ ط دار الفكر، والمهذب ١ / ٤٥٢، ٤٦٤ ط دار المعرفة، ومنح الجليل ١ / ٦٧٧ و٣ / ٤١٣ ط النجاح ليبيا، وابن عابدين٣ / ١١٢، و٤ / ٤٦٩ ط بولاق ثالثة.