للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ، (١) وَاعْتَمَدَهُ. الْخِرَقِيُّ مِنَ الْحَنَابِلَةِ، تَمَسُّكًا بِحَدِيثِ عَمَّارٍ هَذَا، وَاسْتَدَل الآْخَرُونَ بِالْقِيَاسِ حَيْثُ لاَ فَرْقَ، وَإِلاَّ تَوَصَّل الْمُعْتَدُونَ إِلَى أَغْرَاضِهِمْ - بِالتَّهْدِيدِ الْمُجَرَّدِ - دُونَ تَحَمُّل تَبَعَةٍ، أَوْ هَلَكَ الْوَاقِعُ عَلَيْهِمْ هَذَا التَّهْدِيدُ إِذَا رَفَضُوا الاِنْصِيَاعَ لَهُ، فَكَانَ إِلْقَاءً بِالأَْيْدِي فِي التَّهْلُكَةِ، وَكِلاَهُمَا مَحْذُورٌ لاَ يَأْتِي الشَّرْعُ بِمِثْلِهِ. بَل فِي الأَْثَرِ عَنْ عُمَرَ - وَفِيهِ انْقِطَاعٌ - مَا يُفِيدُ هَذَا التَّعْمِيمَ: ذَلِكَ أَنَّ رَجُلاً فِي عَهْدِهِ تَدَلَّى يَشْتَارُ (يَسْتَخْرِجُ) عَسَلاً، فَوَقَفَتِ امْرَأَتُهُ عَلَى الْحَبْل، وَقَالَتْ: طَلِّقْنِي ثَلاَثًا، وَإِلاَّ قَطَعْتُهُ، فَذَكَّرَهَا اللَّهَ وَالإِْسْلاَمَ، فَقَالَتْ: لَتَفْعَلَنَّ، أَوْ لأََفْعَلَنَّ، فَطَلَّقَهَا ثَلاَثًا. وَرُفِعَتِ الْقِصَّةُ إِلَى عُمَرَ، فَرَأَى طَلاَقَ الرَّجُل لَغْوًا، وَرَدَّ عَلَيْهِ الْمَرْأَةَ (٢) ، وَلِذَا اعْتَمَدَ ابْنُ قُدَامَةَ عَدَمَ الْفَرْقِ. (٣)

وَيَتَفَرَّعُ عَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ التَّهْدِيدُ بِقَتْل رَجُلٍ لاَ يَمُتُّ إِلَى الْمُهَدَّدِ بِسَبَبٍ، إِنْ هُوَ لَمْ يَدُل عَلَى مَكَانِ شَخْصٍ بِعَيْنِهِ يُرَادُ لِلْقَتْل، فَإِنَّ هَذَا لاَ يَكُونُ إِكْرَاهًا، (٤) حَتَّى لَوْ أَنَّهُ وَقَعَتِ الدَّلاَلَةُ مِمَّنْ طُلِبَتْ مِنْهُ، ثُمَّ قُتِل الشَّخْصُ الْمَذْكُورُ، لَكَانَ الدَّال مُعِينًا عَلَى هَذَا الْقَتْل عَنْ طَوَاعِيَةٍ إِنْ عَلِمَ أَنَّهُ الْمَقْصُودُ. وَالْمُعِينُ شَرِيكٌ لِلْقَاتِل عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْل


(١) روضة الطالبين ٨ / ٥٨.
(٢) أثر عمر رضي الله عنه " أن رجلا تدلى بحبل ليشتار عسلا " أخرجه البيهقي (٧ - ٣٥٧ - ط دائرة المعارف العثمانية) وقال ابن حجر: وهو منقطع، لأن قدامة لم يدرك عمر التلخيص (٣ / ٢١٦ - ط دار المحاسن) .
(٣) المغني ٨ / ٢٦١، والشرح الكبير ٨ / ٢٤٣، والشوكاني ٦ / ٢٦٨.
(٤) الخرشي ٣ / ١٧٥، والدسوقي ٢ / ٣٢٨، وقواعد ابن رجب ٣٧.