للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَعِنْدَ بَعْضِ الْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلاَمِ أَحْمَدَ: أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ الأَْكْل مِنَ الأُْضْحِيَّةِ الْمَنْذُورَةِ، بِنَاءً عَلَى الْهَدْيِ الْمَنْذُورِ، وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَفِي قَوْلٍ آخَرَ لِلشَّافِعِيَّةِ: إِنْ وَجَبَتِ الأُْضْحِيَّةُ بِنَذْرٍ مُطْلَقٍ جَازَ لَهُ الأَْكْل مِنْهَا. (١)

وَالْحُكْمُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ - كَمَا فَصَّلَهُ ابْنُ عَابِدِينَ - أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْغَنِيِّ الأَْكْل مِنَ الأُْضْحِيَّةِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ، كَمَا يَجُوزُ لَهُ الأَْكْل مِنَ الأُْضْحِيَّةِ الَّتِي نَذَرَهَا إِنْ قَصَدَ بِنَذْرِهِ الإِْخْبَارَ عَنِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ النَّذْرُ ابْتِدَاءً فَلاَ يَجُوزُ لَهُ الأَْكْل مِنْهَا. وَبِالنِّسْبَةِ لِلْفَقِيرِ إِذَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ بِالشِّرَاءِ، فَفِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ: لَهُ الأَْكْل مِنْهَا، وَفِي الْقَوْل الثَّانِي: لاَ يَجُوزُ لَهُ الأَْكْل مِنْهَا.

هَذَا مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَابِدِينَ تَوْضِيحًا لِمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ مِنْ أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ الأَْكْل مِنَ الأُْضْحِيَّةِ الْمَنْذُورَةِ دُونَ تَفْصِيلٍ.

غَيْرَ أَنَّ الْكَاسَانِيَّ ذَكَرَ فِي الْبَدَائِعِ أَنَّهُ يَجُوزُ بِالإِْجْمَاعِ - أَيْ عِنْدَ فُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةِ - الأَْكْل مِنَ الأُْضْحِيَّةِ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ نَفْلاً أَمْ وَاجِبَةً، مَنْذُورَةً كَانَتْ أَوْ وَاجِبَةً ابْتِدَاءً. (٢)

٤ - وَمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ أُضْحِيَّةٌ فَمَضَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ قَبْل أَنْ يَذْبَحَهَا، فَعِنْدَ الْجُمْهُورِ يَذْبَحُهَا قَضَاءً، وَيَصْنَعُ بِهَا مَا يَصْنَعُ بِالْمَذْبُوحِ فِي وَقْتِهِ، لأَِنَّ الذَّبْحَ أَحَدُ مَقْصُودَيِ الأُْضْحِيَّةِ فَلاَ يَسْقُطُ بِفَوَاتِ وَقْتِهِ. وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا حَيَّةً، وَلاَ يَأْكُل مِنْ لَحْمِهَا، لأَِنَّهُ انْتَقَل الْوَاجِبُ مِنْ إِرَاقَةِ الدَّمِ


(١) الدسوقي ٢ / ١٢٢، الخرشي ٣ / ٣٩، والمغني ٨ / ٦٤٢، والفروع ٣ / ٥٥٥، ٥٥٦، وشرح الروض ١ / ٥٤٥، والمهذب ١ / ٢٤٥.
(٢) ابن عابدين ٥ / ٢٠٨، والزيلعي مع حاشية الشلبي ٦ / ٨، والبدائع ٥ / ٨٠.