للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأَْذَى فِي الْحَجِّ فَإِنَّهُ لاَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْكُل مِنْهُ، لأَِنَّ الْكَفَّارَةَ تَكْفِيرٌ لِلذَّنْبِ. هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْمُكَفِّرِ. (١)

أَمَّا الْمُعْطَى - وَهُوَ الْمُسْتَحِقُّ - فَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: أَنَّهُ لاَ يَكْفِي إِبَاحَةُ الإِْطْعَامِ، وَإِنَّهُ لاَ بُدَّ مِنْ تَمْلِيكِ الْمُسْتَحِقِّ، لأَِنَّ تَدَارُكَ الْجِنَايَةِ بِالإِْطْعَامِ أَشْبَهَ الْبَدَل، وَالْبَدَلِيَّةُ تَسْتَدْعِي تَمْلِيكَ الْبَدَل، وَلأَِنَّ الْمَنْقُول عَنِ الصَّحَابَةِ إِعْطَاؤُهُمْ، فَفِي قَوْل زَيْدٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ مُدًّا لِكُل مِسْكِينٍ (٢) وَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِكَعْبٍ فِي فِدْيَةِ الأَْذَى: أَطْعِمْ ثَلاَثَةَ آصُعٍ مِنْ تَمْرٍ بَيْنَ سِتَّةِ مَسَاكِينَ (٣) وَلأَِنَّهُ مَالٌ وَجَبَ لِلْفُقَرَاءِ شَرْعًا فَوَجَبَ تَمْلِيكُهُمْ إِيَّاهُ كَالزَّكَاةِ. وَعَلَى ذَلِكَ فَلاَ يُجْزِئُ أَنْ يُغَدِّيَهُمْ وَيُعَشِّيَهُمْ، لأَِنَّ ذَلِكَ يُعْتَبَرُ إِبَاحَةً لاَ تَمْلِيكًا. (٤)

وَالأَْصْل عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ هُوَ التَّمْلِيكُ، وَخَاصَّةً فِي كَفَّارَتَيِ الظِّهَارِ وَفِدْيَةِ الأَْذَى، لِقَوْل الإِْمَامِ مَالِكٍ: لاَ أُحِبُّ الْغَدَاءَ وَالْعَشَاءَ لِلْمَسَاكِينِ، حَتَّى حَمَل أَبُو الْحَسَنِ كَلاَمَ الإِْمَامِ عَلَى الْكَرَاهَةِ، وَحَمَلَهُ


(١) البدائع ٢ / ٢٢٦ و٥ / ٨٠، ١٠٣، وابن عابدين ٢ / ٢٥٠ و٥ / ٢٠٨، والدسوقي ٢ / ٨٩، ١٣٢، والحطاب ٣ / ١٩٠، ونهاية المحتاج ٣ / ١٩٩، والمغني ٧ / ٣٧٦.
(٢) والأثر عن ابن عباس وابن عمر في إعطاء الكفارة للمساكين " مدا لكل مسكين " أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (مصنف عبد الرزاق ٨ / ٥٠٦، ٥٠٧)
(٣) حديث: " أطعم ثلاثة آصع. . . " أخرجه البخاري ومسلم ولفظ مسلم: " احلق رأسك، ثم اذبح شاة نسكا، أوصم ثلاثة أيام، أو أطعم ثلاثة آصع من تمر على ستة مساكين ". (فتح الباري ٤ / ١٢ ط السلفية، وصحيح مسلم ٢ / ٨٦١ ط عيسى الحلبي) .
(٤) نهاية المحتاج ٨ / ١٣٤، والمهذب ٢ / ١٨٨، والمغني ٧ / ٣٧١، ٣٧٢، ومنتهى الإرادات ٣ / ٢٠٥، ٢٠٦.