للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابْنُ نَاجِي عَلَى التَّحْرِيمِ.

وَالْعِلَّةُ فِي التَّمْلِيكِ هُوَ خَشْيَةُ أَلاَّ يَبْلُغَ مَا يَأْكُلُهُ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ مِقْدَارَ الْوَاجِبِ إِخْرَاجُهُ، وَلِذَلِكَ قَال مَالِكٌ: لاَ أَظُنُّهُ (الْغَدَاءَ وَالْعَشَاءَ) يَبْلُغُ ذَلِكَ (الْمِقْدَارَ الْوَاجِبَ إِخْرَاجُهُ) وَمِنْ هُنَا قَال الدَّرْدِيرُ: فَلَوْ تَحَقَّقَ بُلُوغُهُ أَجْزَأَ.

وَفِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ يُجْزِئُ شِبَعُهُمْ مَرَّتَيْنِ.

وَإِجْزَاءُ الإِْطْعَامِ بِغَدَاءٍ وَعَشَاءٍ إِنْ بَلَغَ مِقْدَارَ الْوَاجِبِ لَهُمْ هُوَ رِوَايَةٌ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ، لأَِنَّهُ أَطْعَمَ الْمَسَاكِينَ، فَأَجْزَأَهُ كَمَا لَوْ مَلَّكَهُمْ. (١)

وَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ أَنَّ التَّمْلِيكَ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِجَوَازِ الإِْطْعَامِ بَل الشَّرْطُ هُوَ التَّمْكِينُ. وَإِنَّمَا يَجُوزُ التَّمْلِيكُ مِنْ حَيْثُ هُوَ تَمْكِينٌ، لاَ مِنْ حَيْثُ هُوَ تَمْلِيكٌ، لأَِنَّ النَّصَّ وَرَدَ بِلَفْظِ الإِْطْعَامِ {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} (٢) وَالإِْطْعَامُ فِي مُتَعَارَفِ اللُّغَةِ اسْمٌ لِلتَّمْكِينِ مِنَ الْمَطْعَمِ لاَ التَّمْلِيكِ، وَإِنَّمَا يُطْعِمُونَ عَلَى سَبِيل الإِْبَاحَةِ دُونَ التَّمْلِيكِ (٣) .

وَفِي النَّذْرِ لاَ يَجُوزُ لِلنَّاذِرِ الأَْكْل مِنْ نَذْرِهِ، لأَِنَّهُ صَدَقَةٌ، وَلاَ يَجُوزُ الأَْكْل مِنَ الصَّدَقَةِ، وَهَذَا فِي الْجُمْلَةِ، لأَِنَّ الأُْضْحِيَّةَ الْمَنْذُورَةَ فِيهَا خِلاَفٌ عَلَى مَا سَبَقَ بَيَانُهُ. وَكَذَلِكَ النَّذْرُ الْمُطْلَقُ الَّذِي لَمْ يُعَيَّنْ لِلْمَسَاكِينِ - لاَ بِلَفْظٍ وَلاَ بِنِيَّةٍ - يَجُوزُ الأَْكْل مِنْهُ، عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ.

وَبِالنِّسْبَةِ لِلْمَنْذُورِ لَهُ فَذَلِكَ يَكُونُ بِحَسَبِ كَيْفِيَّةِ النَّذْرِ، فَمَنْ نَذَرَ إِطْعَامَ الْمَسَاكِينِ أَطْعَمَهُمْ، وَمَنْ


(١) منح الجليل ١ / ٤٠٣، ٦٣٥ و ٢ / ٣٥١، والدسوقي ٢ / ١٣٢، ٤٥٤، وجواهر الإكليل ١ / ١٥٠ و٢٢٨، والمغني ٧ / ٣٧١، ٣٧٢.
(٢) سورة المائدة / ٨٩.
(٣) البدائع ٥ / ١٠٠ - ١٠١.