للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَكَرِهَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ لَهُمْ سَعَةَ ثِيَابِهِمْ وَطُولَهَا، وَطُول أَكْمَامِهِمْ، وَالْكِبْرَ الْخَارِجَ عَنْ عَادَةِ النَّاسِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ إِضَاعَةٍ لِلْمَال الْمَنْهِيِّ عَنْهَا، وَقَدْ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ إِضَاعَتِهِ، فَقَدْ يُفَصَّل مِنْ ذَلِكَ الْكُمِّ ثَوْبٌ غَيْرُهُ (١) وَرَوَى مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي مُوَطَّئِهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: إِزْرَةُ الْمُسْلِمِ إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ. لاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَعْبَيْنِ. مَا أَسْفَل مِنْ ذَلِكَ فَفِي النَّارِ. مَا أَسْفَل مِنْ ذَلِكَ فَفِي النَّارِ. لاَ يَنْظُرُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ بَطَرًا (٢) فَهَذَا نَصٌّ صَرِيحٌ مِنْهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ لِلإِْنْسَانِ أَنْ يَجُرَّ ثَوْبَهُ بِقَصْدِ التَّكَبُّرِ. إِذْ أَنَّ مَا تَحْتَ الْكَعْبَيْنِ لَيْسَ لِلإِْنْسَانِ بِهِ حَاجَةٌ فَمَنَعَهُ مِنْهُ. وَأَبَاحَ ذَلِكَ لِلنِّسَاءِ، فَلِلْمَرْأَةِ أَنْ تَجُرَّ ثَوْبَهَا خَلْفَهَا شِبْرًا أَوْ ذِرَاعًا لِلْحَاجَةِ الدَّاعِيَةِ إِلَى ذَلِكَ، وَهِيَ التَّسَتُّرُ وَالإِْبْلاَغُ فِيهِ، إِذْ أَنَّ الْمَرْأَةَ كُلَّهَا عَوْرَةٌ إِلاَّ مَا اسْتُثْنِيَ، وَذَلِكَ فِيهَا بِخِلاَفِ الرِّجَال.

لِبَاسُ أَهْل الذِّمَّةِ:

٢٣ - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى وُجُوبِ أَخْذِ أَهْل الذِّمَّةِ بِمَا يُمَيِّزُهُمْ عَنِ الْمُسْلِمِينَ فِي لِبَاسِهِمْ، فَلاَ يَتَشَبَّهُونَ بِهِمْ، لأَِنَّهُمْ لَمَّا كَانُوا مُخَالِطِينَ لأَِهْل الإِْسْلاَمِ كَانَ لاَ بُدَّ مِنْ تَمْيِيزِهِمْ عَنْهُمْ، كَيْ تَكُونَ مُعَامَلَتُهُمْ مُخْتَلِفَةً عَنْ مُعَامَلَةِ الْمُسْلِمِينَ مِنَ التَّوْقِيرِ وَالإِْجْلاَل، وَذَلِكَ


(١) المدخل لابن الحاج ١ / ١٢٤، ١٢٩، ١٣٥، والحطاب ٦ / ١٥٢، وكشاف القناع ١ / ٢٧٩، والآداب الشرعية ٣ / ٥٣٣ - ٥٣٤، والإنصاف ١١ / ٢٠٢.
(٢) حديث: " إزرة المسلم إلى أنصاف ساقيه. . . " أخرجه أبو داود (٤ / ٣٥٣ - ط عزت عبيد دعاس) وإسناده صحيح (فيض القدير ١ / ٤٨٠ - ط المكتبة التجارية) .