للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَتَوْثِيقَاتٍ كَالرَّهْنِ وَالْكَفَالَةِ وَغَيْرِهَا.

فَمِنَ الْفُقَهَاءِ مَنْ يُجِيزُ الاِلْتِزَامَ بِالْمَجْهُول وَبِالْمَعْدُومِ وَبِغَيْرِ الْمَقْدُورِ عَلَى تَسْلِيمِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ لاَ يُجِيزُ ذَلِكَ. وَأَكْثَرُهُمْ تَمَسُّكًا بِذَلِكَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ.

٢٣ - وَمِنَ الْعَسِيرِ فِي هَذَا الْمَقَامِ تَتَبُّعُ كُل التَّصَرُّفَاتِ لِمَعْرِفَةِ مَدَى انْطِبَاقِ شَرْطِ انْتِفَاءِ الْغَرَرِ عَلَى كُل تَصَرُّفٍ.

وَلِذَلِكَ سَنَكْتَفِي بِبَعْضِ نُصُوصِ الْمَذَاهِبِ الَّتِي تُلْقِي ضَوْءًا عَلَى ذَلِكَ، عَلَى أَنْ يُرْجَعَ فِي التَّفْصِيلاَتِ إِلَى مَوَاضِعِهَا:

(١) فِي الْفُرُوقِ لِلْقَرَافِيِّ: الْفَرْقُ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ بَيْنَ قَاعِدَةِ: مَا تُؤَثِّرُ فِيهِ الْجَهَالاَتُ وَالْغَرَرُ، وَقَاعِدَةِ: مَا لاَ يُؤَثِّرُ فِيهِ ذَلِكَ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ.

وَرَدَتِ الأَْحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ فِي نَهْيِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ وَعَنْ بَيْعِ الْمَجْهُول. وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَمِنْهُمْ مَنْ عَمَّمَهُ فِي التَّصَرُّفَاتِ، وَهُوَ الشَّافِعِيُّ، فَمَنَعَ مِنَ الْجَهَالَةِ فِي الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالإِْبْرَاءِ وَالْخُلْعِ وَالصُّلْحِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.

وَمِنْهُمْ مَنْ فَصَّل - وَهُوَ مَالِكٌ - بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يُجْتَنَبُ فِيهِ الْغَرَرُ وَالْجَهَالَةُ، وَهُوَ بَابُ الْمُمَاكَسَاتِ وَالتَّصَرُّفَاتِ الْمُوجِبَةِ لِتَنْمِيَةِ الأَْمْوَال وَمَا يُقْصَدُ بِهِ تَحْصِيلُهَا، وَقَاعِدَةِ مَا لاَ يُجْتَنَبُ فِيهِ الْغَرَرُ وَالْجَهَالَةُ، وَهُوَ مَا لاَ يُقْصَدُ لِذَلِكَ، وَانْقَسَمَتِ التَّصَرُّفَاتُ عِنْدَهُ ثَلاَثَةَ أَقْسَامٍ: طَرَفَانِ وَوَاسِطَةٌ.

٢٤ - فَالطَّرَفَانِ: أَحَدُهُمَا مُعَاوَضَةٌ صِرْفَةٌ، فَيُجْتَنَبُ فِيهَا ذَلِكَ إِلاَّ مَا دَعَتِ الضَّرُورَةُ إِلَيْهِ عَادَةً.

وَثَانِيهِمَا مَا هُوَ إِحْسَانٌ صِرْفٌ لاَ يُقْصَدُ بِهِ تَنْمِيَةُ