للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمُتَعَارَفِ، وَالثَّانِي لَيْسَ لَهُ ضَابِطٌ فَامْتَنَعَ، وَأُلْحِقَ الْخُلْعُ بِأَحَدِ الطَّرَفَيْنِ الأَْوَّلَيْنِ الَّذِي يَجُوزُ فِيهِ الْغَرَرُ مُطْلَقًا، لأَِنَّ الْعِصْمَةَ وَإِطْلاَقَهَا لَيْسَ مِنْ بَابِ مَا يُقْصَدُ لِلْمُعَاوَضَةِ، بَل شَأْنُ الطَّلاَقِ أَنْ يَكُونَ بِغَيْرِ شَيْءٍ فَهُوَ كَالْهِبَةِ. فَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ، وَالْفِقْهُ مَعَ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ. (١)

وَفِي الْفُرُوقِ كَذَلِكَ: اتَّفَقَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ عَلَى جَوَازِ التَّعْلِيقِ فِي الطَّلاَقِ وَالْعَتَاقِ قَبْل النِّكَاحِ وَقَبْل الْمِلْكِ، فَيَقُول لِلأَْجْنَبِيَّةِ: إِنْ تَزَوَّجْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَلِلْعَبْدِ: إِنِ اشْتَرَيْتُكَ فَأَنْتَ حُرٌّ، فَيَلْزَمُهُ الطَّلاَقُ وَالْعَتَاقُ إِذَا تَزَوَّجَ وَاشْتَرَى خِلاَفًا لِلشَّافِعِيِّ، وَوَافَقْنَا الشَّافِعِيُّ عَلَى جَوَازِ التَّصَرُّفِ بِالنَّذْرِ قَبْل الْمِلْكِ، فَيَقُول: إِنْ مَلَكْتُ دِينَارًا فَهُوَ صَدَقَةٌ.

وَجَمِيعُ مَا يُمْكِنُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ الْمُسْلِمُ فِي الذِّمَّةِ فِي بَابِ الْمُعَامَلاَتِ.

وَدَلِيل ذَلِكَ.

أَوَّلاً: الْقِيَاسُ عَلَى النَّذْرِ فِي غَيْرِ الْمَمْلُوكِ بِجَامِعِ الاِلْتِزَامِ بِالْمَعْدُومِ.

وَثَانِيًا: قَال اللَّهُ تَعَالَى: {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} (٢) وَالطَّلاَقُ وَالْعَتَاقُ عَقْدَانِ عَقَدَهُمَا عَلَى نَفْسِهِ فَيَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِمَا.

وَثَالِثًا: قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ (٣) ، وَهَذَانِ شَرْطَانِ فَوَجَبَ الْوُقُوفُ


(١) الفروق للقرافي ١ / ١٥٠، ١٥١.
(٢) سورة المائدة / ١.
(٣) حديث: " المسلمون على شروطهم " أخرجه الترمذي (تحفة الأحوذي ٤ / ٥٨٤ نشر السلفية) من طريق كثير بن عبد الله وقال: هذا حديث حسن صحيح، وأبو داود (٤ / ١٩، ٢٠ ط عزت عبيد دعاس) والحاكم (المستدرك ٢ / ٤٩) من طريق كثير بن زيد. قال الذهبي: هذا الحديث لم يصححه الحاكم، وكثير ضعفه النسائي ومشاه غيره. وقد نوقش الترمذي في تصحيح حديثه، فإن في إسناده كثير بن عبد الله وهو ضعيف جدا، قال الشوكاني بعد أن ذكر طرق الحديث المختلفة: ولا يخفى أن الأحاديث المذكورة والطرق يشهد بعضها لبعض فأقل أحوالها أن يكون المتن الذي اجتمعت عليه حسنا (نيل الأوطار ٥ / ٣٧٨، ٣٧٩ ط دار الجيل) .