للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَانَ أَبُو بَكْرٍ أَعْلَمَنَا، وَهَذَا آخِرُ الأَْمْرَيْنِ مِنْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَكُونُ الْمُعَوَّل عَلَيْهِ. (١) وَلأَِنَّ الْحَاجَةَ إِلَى الْفِقْهِ أَهَمُّ مِنْهَا إِلَى الْقِرَاءَةِ، لأَِنَّ الْقِرَاءَةَ إِنَّمَا يُحْتَاجُ إِلَيْهَا لإِِقَامَةِ رُكْنٍ وَاحِدٍ، وَالْفِقْهُ يُحْتَاجُ إِلَيْهِ لِجَمِيعِ الأَْرْكَانِ وَالْوَاجِبَاتِ وَالسُّنَنِ. (٢)

وَقَال الْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ قَوْل أَبِي يُوسُفَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: إِنَّ أَقْرَأَ النَّاسِ أَوْلَى بِالإِْمَامَةِ مِمَّنْ هُوَ أَعْلَمُهُمْ، لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ قَال: قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا كَانُوا ثَلاَثَةٌ فَلْيَؤُمَّهُمْ أَحَدُهُمْ، وَأَحَقُّهُمْ بِالإِْمَامَةِ أَقْرَؤُهُمْ (٣) وَلأَِنَّ الْقِرَاءَةَ رُكْنٌ لاَ بُدَّ مِنْهُ، وَالْحَاجَةُ إِلَى الْعِلْمِ إِذَا عَرَضَ عَارِضٌ مُفْسِدٌ لِيُمْكِنَهُ إِصْلاَحُ صَلاَتِهِ، وَقَدْ يَعْرِضُ وَقَدْ لاَ يَعْرِضُ. (٤)

١٦ - أَمَّا إِذَا تَفَرَّقَتْ خِصَال الْفَضِيلَةِ مِنَ الْعِلْمِ وَالْقِرَاءَةِ وَالْوَرَعِ وَكِبَرِ السِّنِّ وَغَيْرِهَا فِي أَشْخَاصٍ فَقَدِ اخْتَلَفَتْ أَقْوَال الْفُقَهَاءِ. فَمِنْهُمْ مَنْ قَدَّمَ الأَْعْلَمَ عَلَى الأَْقْرَأِ، وَقَالُوا: إِنَّمَا أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَقْدِيمِ الْقَارِئِ، لأَِنَّ أَصْحَابَهُ كَانَ أَقْرَؤُهُمْ أَعْلَمَهُمْ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا تَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ تَعَلَّمُوا مَعَهُ أَحْكَامَهُ، وَهَذَا قَوْل جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ. وَالأَْصْل فِي أَوْلَوِيَّةِ الإِْمَامَةِ حَدِيثُ أَبِي مَسْعُودٍ الأَْنْصَارِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَال: يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ، فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ، فَإِنْ


(١) فتح القدير ١ / ٣٠٣
(٢) الطحطاوي على مراقي الفلاح ص ١٦٣، والبدائع ١ / ١٥٧، ونهاية المحتاج٢ / ١٧٥
(٣) كشاف القناع ١ / ٤٧١، وفتح القدير ١ / ٣٠١. والحديث رواه أحمد ومسلم والنسائي
(٤) كشاف القناع ١ / ٤٧١، وفتح القدير ١ / ٣٠١