للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِيَكُونَ الرِّضَا بِهِ عَامًّا، وَالتَّسْلِيمُ بِإِمَامَتِهِ إِجْمَاعًا (١) .

وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ يُشْتَرَطُ اتِّفَاقُ أَهْل الْحَل وَالْعَقْدِ مِنْ سَائِرِ الْبِلاَدِ، لِتَعَذُّرِ ذَلِكَ وَمَا فِيهِ مِنَ الْمَشَقَّةِ، وَذَكَرُوا أَقْوَالاً خَمْسَةً فِي ذَلِكَ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: أَقَل مَا تَنْعَقِدُ بِهِ الإِْمَامَةُ خَمْسَةٌ، يَجْتَمِعُونَ عَلَى عَقْدِهَا أَوْ يَعْقِدُ أَحَدُهُمْ بِرِضَا الْبَاقِينَ، وَاسْتَدَلُّوا بِخِلاَفَةِ أَبِي بَكْرٍ لأَِنَّهَا انْعَقَدَتْ بِخَمْسَةٍ اجْتَمَعُوا عَلَيْهَا، ثُمَّ تَابَعَهُمُ النَّاسُ فِيهَا. وَجَعَل عُمَرُ الشُّورَى فِي سِتَّةٍ لِيَعْقِدُوا لأَِحَدِهِمْ بِرِضَا الْخَمْسَةِ.

وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إِلَى أَنَّ الإِْمَامَةَ لاَ تَنْعَقِدُ بِأَقَل مِنْ أَرْبَعِينَ، لأَِنَّهَا أَشَدُّ خَطَرًا مِنَ الْجُمُعَةِ، وَهِيَ لاَ تَنْعَقِدُ بِأَقَل مِنْ أَرْبَعِينَ، وَالرَّاجِحُ عِنْدَهُمْ: أَنَّهُ لاَ يُشْتَرَطُ عَدَدٌ مُعَيَّنٌ، بَل لاَ يُشْتَرَطُ عَدَدٌ، حَتَّى لَوِ انْحَصَرَتْ أَهْلِيَّةُ الْحَل وَالْعَقْدِ بِوَاحِدٍ مُطَاعٍ كَفَتْ بَيْعَتُهُ لاِنْعِقَادِ الإِْمَامَةِ، وَلَزِمَ عَلَى النَّاسِ الْمُوَافَقَةُ وَالْمُتَابَعَةُ. (٢)


(١) حاشية الدسوقي ٤ / ٢٩٨، والمغني ٨ / ١٠٧، والأحكام السلطانية لأبي يعلى ص ٧
(٢) مغني المحتاج ٤ / ١٣٠ - ١٣١، وروضة الطالبين ١٠ / ٤٣، وأسنى المطالب ٤ / ١٠٩. والواقع أن الخلاف بين الفقهاء في هذا لفظي، فهم متفقون على أن الإمامة تنعقد ببيعة أهل الحل والعقد، وأن اجتماع جميعهم في صعيد واحد غير ممكن، فالذين ذهبوا إلى انعقادها بعدد قليل من أهل العقد والحل إنما يقصدون أنها تنعقد برضى أهل الحل والعقد، وبمباشرة من