للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِغَيْرِ الأَْمَانِ الْمُعْطَى مِنَ الإِْمَامِ، فَلاَ بُدَّ فِيهِ مِنَ الْمَصْلَحَةِ وَالنَّظَرِ لِلْمُسْلِمِينَ.

وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: يُشْتَرَطُ فِي الأَْمَانِ أَنْ تَكُونَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ ظَاهِرَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ وَذَلِكَ بِأَنْ يُعْطَى فِي حَال ضَعْفِ الْمُسْلِمِينَ وَقُوَّةِ أَعْدَائِهِمْ، لأَِنَّ الْجِهَادَ فَرْضٌ وَالأَْمَانَ يَتَضَمَّنُ تَحْرِيمَ الْقِتَال، فَيَتَنَاقَضُ، إِلاَّ إِذَا كَانَ فِي حَال ضَعْفِ الْمُسْلِمِينَ وَقُوَّةِ الْكَفَرَةِ، لأَِنَّهُ إِذْ ذَاكَ يَكُونُ قِتَالاً مَعْنًى، لِوُقُوعِهِ وَسِيلَةً إِلَى الاِسْتِعْدَادِ لِلْقِتَال، فَلاَ يُؤَدِّي إِلَى التَّنَاقُضِ. (١)

مَنْ لَهُ حَقُّ إِعْطَاءِ الأَْمَانِ:

٧ - الأَْمَانُ إِمَّا أَنْ يُعْطَى مِنَ الإِْمَامِ أَوْ مِنْ آحَادِ الْمُسْلِمِينَ:

أ - أَمَانُ الإِْمَامِ: يَصِحُّ أَمَانُ الإِْمَامِ لِجَمِيعِ الْكُفَّارِ وَآحَادِهِمْ، لأَِنَّهُ مُقَدَّمٌ لِلنَّظَرِ وَالْمَصْلَحَةِ، نَائِبٌ عَنِ الْجَمِيعِ فِي جَلْبِ الْمَنَافِعِ وَدَفْعِ الْمَضَارِّ. وَهَذَا مَا لاَ خِلاَفَ فِيهِ. (٢)

ب - أَمَانُ آحَادِ الْمُسْلِمِينَ: يَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ أَنَّ أَمَانَ آحَادِ الْمُسْلِمِينَ يَصِحُّ لِعَدَدٍ مَحْصُورٍ كَأَهْل قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ وَحِصْنٍ صَغِيرٍ، أَمَّا تَأْمِينُ الْعَدَدِ الَّذِي لاَ يَنْحَصِرُ فَهُوَ مِنْ خَصَائِصِ الإِْمَامِ. (٣)

وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الأَْمَانَ يَصِحُّ مِنَ الْوَاحِدِ، سَوَاءٌ أَمَّنَ جَمَاعَةً كَثِيرَةً أَوْ قَلِيلَةً أَوْ أَهْل مِصْرٍ أَوْ قَرْيَةٍ، فَلَيْسَ حِينَئِذٍ لأَِحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ قِتَالُهُمْ. (٤)


(١) بدائع الصنائع ٧ / ١٠٦، ١٠٧
(٢) المغني مع الشرح الكبير ١٠ / ٤٣٤، وتفسير القرطبي ٨ / ٧٦، والخرشي٣ / ١٢٣ ط دار صادر
(٣) المغني مع الشرح الكبير ١٠ / ٤٣٤، ومغني المحتاج ٤ / ٢٣٧، وشرح الزرقاني ٣ / ١٢٢، والخرشي ٣ / ١٢٣
(٤) بدائع الصنائع ٧ / ١٠٧، وفتح القدير ٤ / ٢٩٨ ط بولاق، والفتاوى الهندية ٢ / ١٩٨