للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ قَال: كَانَ رَسُول اللَّهِ مُوَسَّعًا عَلَيْهِ فِي قَسْمِ أَزْوَاجِهِ يَقْسِمُ بَيْنَهُنَّ كَيْفَ شَاءَ (١) . وَعَلَّل ذَلِكَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ فِي وُجُوبِ الْقَسْمِ عَلَيْهِ شُغْلاً عَنْ لَوَازِمِ الرِّسَالَةِ (٢)

وَقَدْ صَرَّحَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ الْقَسْمَ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا عَلَيْهِ لَكِنَّهُ كَانَ يَقْسِمُ مِنْ نَفْسِهِ تَطْيِيبًا لِقُلُوبِهِنَّ (٣)

تَحْرِيمُ نِكَاحِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى التَّأْبِيدِ:

٨ - ثَبَتَ ذَلِكَ بِنَصِّ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، فَقَال جَل شَأْنُهُ {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُول اللَّهِ وَلاَ أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا} (٤) .

وَأَمَّا اللاَّتِي فَارَقَهُنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْل الدُّخُول كَالْمُسْتَعِيذَةِ - وَهِيَ أَسْمَاءُ بِنْتُ النُّعْمَانِ، وَكَالَتِي رَأَى فِي كَشْحِهَا بَيَاضًا - وَهِيَ عَمْرَةُ بِنْتُ يَزِيدَ (٥) عِنْدَمَا دَخَل عَلَيْهَا، فَلِلْفُقَهَاءِ فِي تَأْبِيدِ التَّحْرِيمِ رَأْيَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُنَّ يَحْرُمْنَ، وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ لِعُمُومِ الآْيَةِ السَّابِقَةِ، وَذَلِكَ لأَِنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْله تَعَالَى: {وَلاَ أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ} أَيْ مِنْ بَعْدِ نِكَاحِهِ.


(١) حديث محمد بن كعب القرظي. . . " كان رسول الله موسعا عليه في قسم أزواجه " أخرجه ابن سعد (٨ / ١٧٢ - ط دار صادر) مرسلا، وأورد له طريقا آخر كذلك مرسلا من حديث قتادة، فبه يتقوى الطريقان
(٢) تفسير الرازي ٢٥ / ٢٢١، طبع المطبعة البهية ١٣٥٧ هـ، وتفسير ابن كثير ٥ / ٤٨٤ وما بعدها طبع دار الأندلس، والخصائص ٣ / ٣٠٤ وما بعدها، وأحكام الجصاص ٣ / ٤٥٢ و٤٥٣، والخرشي ٣ / ١٦٣
(٣) القرطبي ١٤ / ٢١٥
(٤) سورة الأحزاب / ٥٣
(٥) سيرة ابن هشام ٤ / ٦٤٧ الطبعة الثانية لمصطفى البابي الحلبي سنة ١٣٧٥ هـ، وتفسير القرطبي ١٤ / ٢٢٩