للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَمَّا شُرْبُ الْخَمْرِ لِلْجُوعِ وَالْعَطَشِ فَالْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ عَلَى تَحْرِيمِهِ لِعُمُومِ النَّهْيِ، وَلأَِنَّ شُرْبَهَا لَنْ يَزِيدَهُ إِلاَّ عَطَشًا. (١)

وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: لَوْ خَافَ الْهَلاَكَ عَطَشًا وَعِنْدَهُ خَمْرٌ فَلَهُ شُرْبُ قَدْرِ مَا يَدْفَعُ الْعَطَشَ إِنْ عَلِمَ أَنَّهُ يَدْفَعُهُ. كَذَلِكَ لَوْ شَرِبَ لِلْعَطَشِ الْمُهْلِكِ مِقْدَارَ مَا يَرْوِيهِ فَسَكِرَ لَمْ يُحَدَّ (٢)

وَفَرَّقَ الْحَنَابِلَةُ بَيْنَ الْمَمْزُوجَةِ وَغَيْرِ الْمَمْزُوجَةِ فَقَالُوا: إِنْ شَرِبَهَا لِلْعَطَشِ نُظِرَ، فَإِنْ كَانَتْ مَمْزُوجَةً بِمَا يَرْوِي مِنَ الْعَطَشِ أُبِيحَتْ لِدَفْعِهِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ، كَمَا تُبَاحُ الْمَيْتَةُ عِنْدَ الْمَخْمَصَةِ، وَكَمَا يُبَاحُ شُرْبُ الْخَمْرِ لِدَفْعِ الْغُصَّةِ. وَإِنْ شَرِبَهَا صِرْفًا، أَوْ مَمْزُوجَةً بِشَيْءٍ يَسِيرٍ لاَ يَرْوِي مِنَ الْعَطَشِ لَمْ يُبَحْ، وَعَلَيْهِ الْحَدُّ (٣)

١٧ - وَأَمَّا تَعَاطِي الْخَمْرِ لِلتَّدَاوِي فَالْجُمْهُورُ عَلَى تَحْرِيمِهِ، وَتَفْصِيلُهُ فِي (أَشْرِبَة) .

ح - الاِنْتِفَاعُ بِلَحْمِ الآْدَمِيِّ الْمَيِّتِ:

١٨ - ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى جَوَازِ الاِنْتِفَاعِ بِلَحْمِ الآْدَمِيِّ الْمَيِّتِ حَالَةَ الاِضْطِرَارِ؛ لأَِنَّ حُرْمَةَ الإِْنْسَانِ الْحَيِّ أَعْلَى مِنْ حُرْمَةِ الْمَيِّتِ. وَاسْتَثْنَى مِنْهُ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ - الاِنْتِفَاعَ بِلَحْمِ الْمَيِّتِ الْمَعْصُومِ.

وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ.

وَمِثْل الْمَيِّتِ كُل حَيٍّ مُهْدَرِ الدَّمِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَبَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ.


(١) حاشية الدسوقي ٤ / ٣٥٣، ونهاية المحتاج ٨ / ١٥٠.
(٢) ابن عابدين ٣ / ١٦٢، ٥ / ٣٥١.
(٣) المغني ١٠ / ٣٣٠.