للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْحَنَابِلَةُ) إِلَى أَنَّهُ يَقْبَل التَّوْرِيثَ. فَالإِْجَارَةُ لاَ تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ الشَّخْصِ الْمُسْتَأْجِرِ، وَيَقُومُ وَارِثُهُ مَقَامَهُ فِي الاِنْتِفَاعِ بِهَا إِلَى أَنْ تَنْتَهِيَ الْمُدَّةُ، أَوْ تُفْسَخَ الإِْجَارَةُ بِأَسْبَابٍ أُخْرَى؛ لأَِنَّ الإِْجَارَةَ عَقْدٌ لاَزِمٌ، فَلاَ تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ الْعَاقِدِ مَعَ سَلاَمَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ. (١) إِلاَّ أَنَّ الْحَنَابِلَةَ قَالُوا: إِنْ مَاتَ الْمُكْتَرِي، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ تَنْفَسِخُ الإِْجَارَةُ فِيمَا بَقِيَ مِنَ الْمُدَّةِ. (٢)

وَكَذَلِكَ الْوَصِيَّةُ بِالْمَنْفَعَةِ لاَ تَنْتَهِي بِمَوْتِ الْمُوصَى لَهُ، لأَِنَّهَا تَمْلِيكٌ وَلَيْسَتْ إِبَاحَةً لِلُزُومِهَا بِالْقَبُول، فَيَجُوزُ لِوَرَثَتِهِ أَنْ يَنْتَفِعُوا بِهَا بِالْمُدَّةِ الْبَاقِيَةِ، لأَِنَّهُ مَاتَ عَنْ حَقٍّ، فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ. (٣)

٣٢ - أَمَّا إِذَا كَانَ سَبَبُ الاِنْتِفَاعِ الْعَارِيَّةَ، فَقَدْ صَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ بِعَدَمِ تَوْرِيثِ الاِنْتِفَاعِ بِهَا، لأَِنَّهَا عَقْدٌ غَيْرُ لاَزِمٍ، تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ الْعَاقِدَيْنِ. وَلأَِنَّ الْعَارِيَّةَ إِبَاحَةُ الاِنْتِفَاعِ عِنْدَهُمْ، فَلاَ تَصْلُحُ أَنْ تَنْتَقِل إِلَى الْغَيْرِ حَتَّى فِي حَيَاةِ الْمُسْتَعِيرِ. (٤)

وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الاِنْتِفَاعَ لاَ يَقْبَل التَّوْرِيثَ مُطْلَقًا. فَالْوَصِيَّةُ بِالْمَنْفَعَةِ تَبْطُل بِمَوْتِ الْمُوصَى لَهُ، وَلَيْسَ لِوَرَثَتِهِ الاِنْتِفَاعُ بِهَا، كَمَا تَبْطُل الْعَارِيَّةُ بِمَوْتِ الْمُسْتَعِيرِ، وَالإِْجَارَةُ بِمَوْتِ الْمُسْتَأْجِرِ؛ لأَِنَّ الْمَنَافِعَ لاَ تَحْتَمِل الإِْرْثَ، لأَِنَّهَا تَحْدُثُ شَيْئًا فَشَيْئًا، وَاَلَّتِي


(١) بلغة السالك ٤ / ٥٠، ونهاية المحتاج ٥ / ٣١٤، والمغني ٦ / ٤٢.
(٢) المغني ٦ / ٤٢.
(٣) نهاية المحتاج ٥ / ١٣٠، ١٣١، وشرح الزرقاني ٨ / ١٩٧، والمغني ٥ / ٣٥٤.
(٤) نهاية المحتاج ٦ / ٨٣، وكشاف القناع ٤ / ٣٧٦.