للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِقِيمَتِهَا يَوْمَ التَّلَفِ بِكُل حَالٍ، وَلاَ فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَتَعَدَّى فِيهَا أَوْ يُفَرِّطَ فِيهَا أَوْ لاَ. (١) أَمَّا إِذَا انْتَفَعَ بِهَا وَرَدَّهَا عَلَى صِفَتِهَا فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ.

وَفَرَّقَ الْمَالِكِيَّةُ بَيْنَ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ (يَحْتَمِل الإِْخْفَاءَ) وَبَيْنَ مَا لاَ يُغَابُ عَلَيْهِ، فَقَالُوا: يَضْمَنُ الْمُسْتَعِيرُ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ، كَالْحُلِيِّ وَالثِّيَابِ، إِنِ ادَّعَى الضَّيَاعَ إِلاَّ بِبَيِّنَةٍ عَلَى ضَيَاعِهِ بِلاَ سَبَبٍ مِنْهُ، كَذَلِكَ يَضْمَنُ بِانْتِفَاعِهِ بِهَا بِلاَ إِذْنِ رَبِّهَا إِذَا تَلِفَتْ أَوْ تَعَيَّبَتْ بِسَبَبِ ذَلِكَ. أَمَّا فِيمَا لاَ يُغَابُ عَلَيْهِ وَفِيمَا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ عَلَى تَلَفِهِ فَهُوَ غَيْرُ مَضْمُونٍ. (٢)

وَالاِنْتِفَاعُ بِالرَّهْنِ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْعَارِيَّةِ، فَلَوْ هَلَكَ فِي حَالَةِ الاِسْتِعْمَال وَالْعَمَل لاَ يَضْمَنُ عِنْدَ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ؛ لأَِنَّ الاِنْتِفَاعَ الْمَأْذُونَ لاَ يُوجِبُ الضَّمَانَ. وَإِذَا انْتَفَعَ بِهِ بِدُونِ إِذْنِ الرَّاهِنِ يَضْمَنُ (٣) مَعَ تَفْصِيلٍ سَبَقَ ذِكْرُهُ.

٣٦ - وَيُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا الأَْصْل الاِنْتِفَاعُ بِمَال الْغَيْرِ حَال الاِضْطِرَارِ، فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ مَأْذُونًا شَرْعًا، لَكِنَّهُ يُوجِبُ الضَّمَانَ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، عَمَلاً بِقَاعِدَةٍ فِقْهِيَّةٍ أُخْرَى، هِيَ: أَنَّ الاِضْطِرَارَ لاَ يُبْطِل حَقَّ الْغَيْرِ (٤) .

وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى عَدَمِ الضَّمَانِ عَمَلاً


(١) كشاف القناع ٤ / ٧٠، والمغني ٥ / ٣٥٥ و ٦ / ١١٧.
(٢) بلغة السالك ٣ / ٥٥٣، ٥٧٤، وبداية المجتهد ٢ / ٢٨٤.
(٣) ابن عابدين ٥ / ٣٣٦، ونهاية المحتاج ٤ / ٢٧٤، والمغني ٤ / ٢٨٩.
(٤) ابن عابدين ٥ / ٢١٥، ونهاية المحتاج ٨ / ١٥٢، ١٥٣، والقليوبي ٤ / ٢٦٣، والمغني ١١ / ٨٠.