للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَتَعَذُّرِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمْ، فَمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ زَوَّجَ. فَإِنْ سَبَقَ غَيْرُ مَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ فَزَوَّجَ، وَقَالَتْ أَذِنْتُ لِكُل وَاحِدٍ مِنْهُمْ صَحَّ التَّزْوِيجُ؛ لأَِنَّهُ صَدَرَ مِنْ وَلِيٍّ كَامِل الْوِلاَيَةِ بِإِذْنِ مُوَلِّيَتِهِ فَصَحَّ مِنْهُ، كَمَا لَوِ انْفَرَدَ بِالْوِلاَيَةِ؛ وَلأَِنَّ الْقُرْعَةَ شُرِعَتْ لإِِزَالَةِ الْمُشَاحَّةِ لاَ لِسَلْبِ الْوِلاَيَةِ. (١)

وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: عِنْدَ تَسَاوِيهِمْ دَرَجَةً وَقَرَابَةً يَنْظُرُ الْحَاكِمُ فِيمَنْ يَرَاهُ أَحْسَنَهُمْ رَأْيًا لِيَتَوَلَّى الْعَقْدَ. (٢)

وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: يَكُونُ لِكُل وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَتَوَلَّى الْعَقْدَ وَيُزَوِّجَ، رَضِيَ الآْخَرُ أَوْ سَخِطَ، إِذَا كَانَ التَّزْوِيجُ مِنْ كُفْءٍ وَبِمَهْرٍ وَافِرٍ. (٣) وَهَذَا إِذَا اتَّحَدَ الْخَاطِبُ.

٧ - أَمَّا إِذَا تَعَدَّدَ الْخَاطِبُ، فَالتَّزْوِيجُ لِمَنْ تَرْضَاهُ الْمَرْأَةُ؛ لأَِنَّ لَهَا الْحَقَّ عِنْدَهُمْ أَنْ تُزَوِّجَ نَفْسَهَا مِنْ كُفْءٍ إِذَا كَانَتْ بَالِغَةً رَشِيدَةً، وَلاَ يُزَوِّجُهَا إِلاَّ الْوَلِيُّ الَّذِي تَرْضَاهُ بِوَكَالَةٍ، فَإِنْ لَمْ تُعَيِّنِ الْمَرْأَةُ وَاحِدًا مِنَ الْمُسْتَوِينَ دَرَجَةً وَقَرَابَةً، وَأَذِنَتْ لِكُلٍّ مِنْهُمْ بِانْفِرَادِهِ، أَوْ قَالَتْ: أَذِنْتُ فِي فُلاَنٍ، فَمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ فَلْيُزَوِّجْنِي مِنْهُ، صَحَّ التَّزْوِيجُ مِنْ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمْ؛ لِوُجُودِ سَبَبِ الْوِلاَيَةِ فِي كُل وَاحِدٍ مِنْهُمْ كَمَا يَقُول الْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ، فَإِنْ بَادَرَ أَحَدُهُمْ فَزَوَّجَهَا مِنْ كُفْءٍ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ؛ لأَِنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مَا يُمَيِّزُ


(١) الولي: هو البالغ العاقل الوارث، انظر ابن عابدين ٢ / ٢٩٥، ونهاية المحتاج ٦ / ٣٤٢ - ٣٤٤، وروضة الطالبين ٧ / ٨٧، ٨٨، والمغني لابن قدامة ٦ / ٥١٠، ٥١١، ومطالب أولي النهى ٥ / ٧٢، ٧٣
(٢) حاشية الدسوقي ٢ / ٢٣٣، وجواهر الإكليل ١ / ٢٨٣
(٣) البدائع ٢ / ٢٥١، وشرح فتح القدير ٣ / ١٧٢، ١٨٣ - ١٨٥