للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَارِثُهُ مَقَامَهُ فِي الْقَبْضِ، لَكِنْ إِنْ مَاتَ الرَّاهِنُ لَمْ يَلْزَمْ وَرَثَتَهُ الإِْقْبَاضُ.

وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: وَهِيَ الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ - إِنَّ عَقْدَ الرَّهْنِ يَنْفَسِخُ بِمَوْتِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ قَبْل الْقَبْضِ؛ لأَِنَّهُ عَقْدٌ جَائِزٌ. (١) أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَصَرَّحُوا بِأَنَّ الرَّهْنَ يَلْزَمُ بِالْعَقْدِ، وَيُجْبَرُ الرَّاهِنُ عَلَى التَّسْلِيمِ، إِلاَّ أَنْ يَتَرَاخَى الْمُرْتَهِنُ عَنِ الْمُطَالَبَةِ، وَعَلَى ذَلِكَ فَلاَ يَنْفَسِخُ بِوَفَاةِ الْمُرْتَهِنِ، وَيَقُومُ وَرَثَتُهُ مَقَامَ مُوَرِّثِهِمْ فِي مُطَالَبَةِ الْمَدِينِ وَقَبْضِ الْمَرْهُونِ، لَكِنَّهُمْ نَصُّوا عَلَى أَنَّ الرَّهْنَ يَنْفَسِخُ بِمَوْتِ الرَّاهِنِ وَفَلْسِهِ قَبْل حَوْزِهِ وَلَوْ جَدَّ فِيهِ. (٢)

أَثَرُ تَغَيُّرِ الأَْهْلِيَّةِ فِي انْفِسَاخِ الْعُقُودِ:

٢٠ - الأَْهْلِيَّةُ: صَلاَحِيَّةُ الإِْنْسَانِ لِوُجُوبِ الْحُقُوقِ لَهُ وَعَلَيْهِ، وَلِصُدُورِ الْفِعْل مِنْهُ عَلَى وَجْهٍ يُعْتَدُّ بِهِ شَرْعًا (٣) . وَتَعْرِضُ لِلأَْهْلِيَّةِ أُمُورٌ تُغَيِّرُهَا وَتُحَدِّدُهَا فَتَتَغَيَّرُ بِهَا الأَْحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ، كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.

وَتَغَيُّرُ الأَْهْلِيَّةِ بِمَا يَعْرِضُ مِنْ بَعْضِ الْعَوَارِضِ، كَالْجُنُونِ أَوِ الإِْغْمَاءِ أَوِ الاِرْتِدَادِ وَنَحْوِهَا، لَهُ أَثَرٌ فِي انْفِسَاخِ بَعْضِ الْعُقُودِ، فَقَدْ صَرَّحَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ) أَنَّ الْعُقُودَ الْجَائِزَةَ: مِثْل الْمُضَارَبَةِ، وَالشَّرِكَةِ، وَالْوَكَالَةِ، الْوَدِيعَةِ، وَالْعَارِيَّةِ، تَنْفَسِخُ بِجُنُونِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ كِلَيْهِمَا (٤) .


(١) ابن عابدين ٥ / ٣٠٨، والمغني ٤ / ٣٦٥، ونهاية المحتاج ٤ / ٢٥١.
(٢) بداية المجتهد ٢ / ٢٧٤، والشرح الصغير ٣ / ٣١٦.
(٣) التلويح والتوضيح ٢ / ١٦١، ١٦٢.
(٤) ابن عابدين ٣ / ٣٥١ و ٤ / ٤١٧، والبدائع ٦ / ٣٨، والوجيز ١ / ١٨٧، ٢٢٥، وقليوبي ٣ / ٥٩، ١٨١، ونهاية المحتاج ٥ / ٥٥، والمغني ٥ / ١٢٤، ١٣٣، ومطالب أولي النهى ٣ / ٤٥٣.