للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أ - مَا يُقِيمُهُ الإِْنْسَانُ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ وَذَلِكَ كَمَنْ يَسْتَعِيرُ أَرْضًا لِلْبِنَاءِ بِإِذْنِ صَاحِبِهَا. فَإِنْ كَانَتِ الْعَارِيَّةُ مُطْلَقَةً أَوْ مُؤَقَّتَةً بِوَقْتٍ، وَشَرَطَ الْمُعِيرُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ نَقْضَ الْبِنَاءِ عِنْدَ انْتِهَاءِ الْوَقْتِ أَوْ عِنْدَ الرُّجُوعِ، فَإِنَّ الْمُسْتَعِيرَ يُلْزَمُ بِنَقْضِ الْبِنَاءِ لِحَدِيثِ: الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ (١) .

وَإِنْ كَانَ الْمُعِيرُ لَمْ يَشْتَرِطِ النَّقْضَ، فَإِنْ رَضِيَ الْمُسْتَعِيرُ بِالنَّقْضِ نَقَضَ، وَإِنْ أَبَى لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ لِمَفْهُومِ حَدِيثِ: لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ (٢) ؛ وَلأَِنَّهُ بُنِيَ بِإِذْنِ رَبِّ الأَْرْضِ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِ قَلْعَهُ، وَفِي الْقَلْعِ ضَرَرٌ بِنَقْصِ قِيمَتِهِ بِذَلِكَ. وَيَكُونُ - فِي هَذِهِ الْحَالَةِ - الْخِيَارُ لِلْمُعِيرِ بَيْنَ أَخْذِ الْبِنَاءِ بِقِيمَتِهِ، وَبَيْنَ قَلْعِهِ مَعَ ضَمَانِ نُقْصَانِهِ جَمْعًا بَيْنَ الْحَقَّيْنِ، أَوْ يُبْقِيهِ بِأَجْرِ مِثْلِهِ.

وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَالشَّافِعِيَّةِ (٣) .

وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ إِنْ كَانَتِ الْعَارِيَّةُ مُطْلَقَةً أَوْ مُؤَقَّتَةً وَانْتَهَى وَقْتُهَا فَلِلْمَالِكِ أَنْ يُجْبِرَ الْمُسْتَعِيرَ عَلَى نَقْضِ الْبِنَاءِ؛ لأَِنَّ فِي التَّرْكِ ضَرَرًا بِالْمُعِيرِ؛ لأَِنَّهُ لاَ نِهَايَةَ لَهُ وَلاَ غَرَرَ مِنْ جِهَتِهِ.

وَإِنْ كَانَتْ مُؤَقَّتَةً وَأَرَادَ إِخْرَاجَهُ قَبْل الْوَقْتِ فَلاَ يُجْبَرُ الْمُسْتَعِيرُ عَلَى النَّقْضِ بَل يَكُونُ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ ضَمَّنَ صَاحِبَ الأَْرْضِ قِيمَةَ الْبِنَاءِ قَائِمًا سَلِيمًا وَتَرَكَهُ لَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ بِنَاءَهُ وَلاَ شَيْءَ عَلَى


(١) حديث: " المسلمون على شروطهم. . . " أخرجه الترمذي (التحفة ٤ / ٥٨٤ ط السلفية) وله طرق يشهد بعضها لبعض.
(٢) حديث: " ليس لعرق ظالم حق " أخرجه أبو داود (٣ / ٤٥٤ - ط عزت عبيد دعاس) وقواه ابن حجر في الفتح (٥ / ١٩ - ط السلفية) .
(٣) منتهى الإرادات ٢ / ٣٩٤، ومغني المحتاج ٢ / ٢٧١ - ٢٧٣.