للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَلَيْهِ، لَمْ يَجُزِ الْحُكْمُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ. وَكَذَا إِذَا سُمِعَتِ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ ثُمَّ غَابَ قَبْل الْقَضَاءِ؛ لأَِنَّ الشَّرْطَ قِيَامُ الإِْنْكَارِ وَقْتَ الْقَضَاءِ.

وَخَالَفَهُ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ، فَقَال بِصِحَّةِ الْقَضَاءِ فِي هَذِهِ الْحَال؛ لأَِنَّ الشَّرْطَ عِنْدَهُ الإِْصْرَارُ عَلَى الإِْنْكَارِ إِلَى وَقْتِ الْقَضَاءِ، وَالإِْصْرَارُ ثَابِتٌ بَعْدَ غَيْبَتِهِ بِالاِسْتِصْحَابِ.

وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ الْقَائِلِينَ بِجَوَازِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ أَصْلاً.

وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يُقْضَى عَلَى الْغَائِبِ فِي الْحُقُوقِ كُلِّهَا وَالْمُعَامَلاَتِ وَالْمُدَايَنَاتِ وَالْوَكَالاَتِ وَسَائِرِ الْحُقُوقِ إِلاَّ الْعَقَارَ وَحْدَهُ، فَإِنَّهُ لاَ يَحْكُمُ عَلَيْهِ فِيهِ إِلاَّ أَنْ تَطُول غَيْبَتُهُ وَيَضُرَّ ذَلِكَ بِخَصْمِهِ (١) .

حُكْمُ الْمُنْكِرِ:

١٤ - إِذَا ادُّعِيَ عَلَى إِنْسَانٍ بِشَيْءٍ فَأَنْكَرَ، فَإِنَّ الْبَيِّنَةَ تُطْلَبُ مِنْ خَصْمِهِ، فَإِنْ أَقَامَهَا حُكِمَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ إِقَامَتِهَا فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَسْتَحْلِفُ الْمُنْكِرَ إِذَا طَلَبَ خَصْمُهُ تَحْلِيفَهُ، فَإِنْ حَلَفَ حَكَمَ بِبَرَاءَتِهِ مِنَ الْمُدَّعِي، وَإِنْ نَكَل قَضَى عَلَيْهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، أَمَّا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ فَلاَ يَقْضِي عَلَيْهِ حَتَّى يَرُدَّ الْيَمِينَ عَلَى طَالِبِ الْحَقِّ، فَإِنْ حَلَفَ الطَّالِبُ حِينَئِذٍ قَضَى لَهُ (٢) .

وَدَلِيل اسْتِحْلاَفِ الْمُنْكِرِ حَدِيثُ: الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ (٣) السَّابِقُ،


(١) فتح القدير ٦ / ٤٠١، قليوبي ٤ / ٣٠٨، والكافي ٢ / ٩٣١.
(٢) الطرق الحكمية ١١٦.
(٣) حديث: " البينة على المدعي، واليمين على من أنكر " سبق تخريجه (ف ٧) .