للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأَِنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ بِالإِْقْرَارِ قَبْل الْقَبْضِ، فَيُحْتَمَل صِحَّةُ مَا قَالَهُ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَحْلَفَ خَصْمُهُ لِنَفْيِ الاِحْتِمَال (١) .

أَثَرُ جُحُودِ الْعُقُودِ فِي انْفِسَاخِهَا:

٢٤ - إِذَا جَحَدَ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ الْبَيْعَ أَوْ غَيْرَهُ مِنَ الْعُقُودِ اللاَّزِمَةِ - غَيْرَ النِّكَاحِ - لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى إِنْكَارِهِ لَهُ انْفِسَاخُ الْعَقْدِ، وَكَانَ لِلآْخَرِ التَّمَسُّكُ بِالْعَقْدِ، وَلَهُ بَعْدَ الإِْثْبَاتِ الْمُطَالَبَةُ بِتَنْفِيذِهِ. لَكِنْ إِنْ رَضِيَ هَذَا الآْخَرُ بِالْفَسْخِ قَوْلاً، أَوْ بِتَرْكِهِ الْخُصُومَةَ مَعَ فِعْلٍ يَدُل عَلَى الرِّضَى بِالْفَسْخِ، كَنَقْلِهِ الْمَبِيعَ إِلَى مَنْزِلِهِ، يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ. فَلَوْ قَال الْمَالِكُ: اشْتَرَيْتُ مِنِّي هَذِهِ الدَّابَّةَ، وَأَنْكَرَ الآْخَرُ الشِّرَاءَ، فَرَضِيَ الْبَائِعُ، انْفَسَخَ الْبَيْعُ، وَكَانَ لَهُ أَنْ يَرْكَبَ الدَّابَّةَ، وَلَوْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ ادَّعَى الشِّرَاءَ بَعْدَ رِضَى الْبَائِعِ بِالْفَسْخِ لاَ يُقْبَل؛ لاِنْفِسَاخِ الْعَقْدِ.

أَمَّا النِّكَاحُ فَلَوْ جَحَدَ الرَّجُل أَنَّهُ تَزَوَّجَ الْمَرْأَةَ، ثُمَّ ادَّعَى الزَّوَاجَ وَبَرْهَنَ، يُقْبَل مِنْهُ بُرْهَانُهُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ؛ لأَِنَّ النِّكَاحَ لاَ يَحْتَمِل الْفَسْخَ بِسَائِرِ الأَْسْبَابِ فَكَذَا بِهَذَا السَّبَبِ (٢) .

وَيُوَافِقُ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ الْحَنَفِيَّةَ عَلَى أَنَّ إِنْكَارَ الزَّوْجِ النِّكَاحَ لاَ يَكُونُ فَسْخًا، وَلَيْسَ هُوَ أَيْضًا طَلاَقًا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَلَوْ نَوَاهُ؛ لأَِنَّ الْجُحُودَ هُنَا لِعَقْدِ النِّكَاحِ، لاَ لِكَوْنِهَا امْرَأَتَهُ. بِخِلاَفِ مَا لَوْ قَال: لَيْسَتْ هِيَ


(١) المغني ٥ / ١٩٦ - ثالثة، ورد المحتار ٤ / ٤٥٨، وتبصرة الحكام ٢ / ٣٠.
(٢) الدر المختار ٤ / ٣٦٣، وفتح القدير مع حواشيه ٦ / ٤١٨.