للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مُتَلَصِّصًا، أَوْ لِشِرَاءِ سِلاَحٍ، فَيَضُرُّ بِالْمُسْلِمِينَ. (١)

فَإِنْ قَال: دَخَلْتُ لِسَمَاعِ كَلاَمِ اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ دَخَلْتُ رَسُولاً، سَوَاءٌ أَكَانَ مَعَهُ كِتَابٌ أَمْ لَمْ يَكُنْ، أَوْ دَخَلْتُ بِأَمَانِ مُسْلِمٍ، صُدِّقَ وَلاَ يَتَعَرَّضُ لَهُ؛ لاِحْتِمَال مَا يَدَّعِيهِ، وَقَصْدُ ذَلِكَ يُؤَمِّنُهُ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إِلَى تَأْمِينٍ؛ (٢) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَك فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ} (٣) ، وَهَذَا قَوْل الشَّافِعِيَّةِ.

وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنِ ادَّعَى الأَْمَانَ لاَ يُصَدَّقُ فِيهِ، بَل يُطَالَبُ بِبَيِّنَةٍ؛ لإِِمْكَانِهَا غَالِبًا، وَلأَِنَّ الثَّابِتَ بِالْبَيِّنَةِ كَالثَّابِتِ بِالْمُعَايَنَةِ.

وَقَرِيبٌ مِنْ هَذَا قَوْل الْحَنَابِلَةِ: إِنَّ مَنْ دَخَل مِنَ الْحَرْبِيِّينَ دَارَ الإِْسْلاَمِ بِغَيْرِ أَمَانٍ، وَادَّعَى أَنَّهُ رَسُولٌ، أَوْ تَاجِرٌ وَمَعَهُ مَتَاعٌ يَبِيعُهُ، قُبِل مِنْهُ، وَيُحْقَنُ دَمُهُ، إِنْ صَدَّقَتْهُ عَادَةً، كَدُخُول تُجَّارِهِمْ إِلَيْنَا وَنَحْوِهِ؛ لأَِنَّ مَا ادَّعَاهُ مُمْكِنٌ، فَيَكُونُ شُبْهَةً فِي دَرْءِ الْقَتْل؛ وَلأَِنَّهُ يَتَعَذَّرُ إِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى ذَلِكَ، فَلاَ يَتَعَرَّضُ لَهُ، وَلِجَرَيَانِ الْعَادَةِ مَجْرَى الشَّرْطِ.

فَيَصْدُقُ إِنْ كَانَ مَعَهُ تِجَارَةٌ يَتَّجِرُ بِهَا؛ لأَِنَّ التِّجَارَةَ لاَ تَحْصُل بِغَيْرِ مَالٍ، وَيُصَدَّقُ مُدَّعِي الرِّسَالَةِ إِنْ كَانَ مَعَهُ رِسَالَةٌ يُؤَدِّيهَا. وَإِنْ قَال: أَمَّنَنِي مُسْلِمٌ، فَفِيهِ وَجْهَانِ:


(١) المغني ٨ / ٥٢٣، والمهذب ٢ / ٢٥٩.
(٢) مغني المحتاج ٤ / ٢٤٣. واللجنة ترى أن هذا الأمر من الخطورة بمكان، ولا بد من التثبت من صدق ادعائه.
(٣) سورة التوبة / ٦