للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَحَدُهُمَا: يُقْبَل تَغْلِيبًا لِحَقْنِ دَمِهِ، كَمَا يُقْبَل مِنَ الرَّسُول وَالتَّاجِرِ.

وَالثَّانِي: لاَ يُقْبَل؛ لأَِنَّ إِقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ مُمْكِنَةٌ. فَإِنْ قَال مُسْلِمٌ: أَنَا أَمَّنْتُهُ، قُبِل قَوْلُهُ، لأَِنَّهُ يَمْلِكُ أَنْ يُؤَمِّنَهُ، فَقُبِل قَوْلُهُ فِيهِ، كَالْحَاكِمِ إِذَا قَال: حَكَمْتُ لِفُلاَنٍ عَلَى فُلاَنٍ بِحَقٍّ. (١)

وَقَال الْمَالِكِيَّةُ (٢) : إِنْ أُخِذَ الْحَرْبِيُّ بِأَرْضِ الْحَرْبِيِّينَ حَال كَوْنِهِ مُقْبِلاً إِلَيْنَا، أَوْ قَال: جِئْتُ أَطْلُبُ الأَْمَانَ مِنْكُمْ، أَوْ أُخِذَ بِأَرْضِنَا وَمَعَهُ تِجَارَةٌ، وَقَال لَنَا: إِنَّمَا دَخَلْتُ أَرْضَكُمْ بِلاَ أَمَانٍ، لأَِنِّي ظَنَنْتُ أَنَّكُمْ لاَ تَتَعَرَّضُونَ لِتَاجِرٍ، أَوْ أُخِذَ عَلَى الْحُدُودِ بَيْنَ أَرْضِنَا وَأَرْضِهِمْ، وَقَال مَا ذُكِرَ، فَيُرَدُّ لِمَأْمَنِهِ فِي هَذِهِ الْحَالاَتِ.

فَإِنْ وُجِدَتْ قَرِينَةُ كَذِبٍ، لَمْ يُرَدَّ لِمَأْمَنِهِ.

أَمَّا إِنْ دَخَل الْحَرْبِيُّ بِلاَدَ الْمُسْلِمِينَ بِغَيْرِ أَمَانٍ، وَلَمْ تَتَحَقَّقْ حَالَةٌ مِنَ الْحَالاَتِ السَّابِقَةِ، فَعِنْدَ الْجُمْهُورِ يُعْتَبَرُ كَالأَْسِيرِ أَوِ الْجَاسُوسِ، فَيُخَيَّرُ فِيهِ الإِْمَامُ بَيْنَ الْقَتْل وَالاِسْتِرْقَاقِ وَالْمَنِّ وَالْفِدَاءِ بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ. وَفِي قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ يَكُونُ فَيْئًا لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ. (٣)


(١) المبسوط ١٠ / ٩٣، ورد المحتار ٣ / ٢٤٨، وشرح السير الكبير ١ / ١٩٨، ومغني المحتاج ٤ / ٢٤٣، وكشاف القناع ٣ / ١٠٠، والمغني ٨ / ٤٣٧، ٥٢٣. والحنفية ومعهم الحنابلة اشترطوا لتصديق الرسول أن يكون معه كتاب يشبه أن يكون كتاب مليكه، وإن احتمل أن مفتعل، لأن الرسول آمن، كما جرى به عرف الجاهلية والإسلام، وأما الشافعية فلم يشترطوا وجود كتاب معه، كما ذكر أعلاه.
(٢) الشرح الكبير ٢ / ١٨٦، والشرح الصغير ٢ / ٢٨٩.
(٣) المبسوط ١٠ / ٩٣، وشرح السير الكبير ١ / ١٩٨، والفتاوى الهندية ٢ / ١٨٦، ورد المحتار ٣ / ٢٤٩، والشرح الكبير ٢ / ١٨٦، والشرح الصغير ٢ / ٢٨٩، والمهذب ٢ / ٢٥٩، وكشاف القناع ٣ / ١٠٠، والمغني ٨ / ٥٢٣. وهذه مسائل زمنية، واللجنة ترى أنه يراعي الآن ما هو الأصلح.