للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ب - زَوَاجُ الْحَرْبِيَّةِ مِنَ الْمُسْلِمِ أَوِ الذِّمِّيِّ:

١٣ - صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّ الْحَرْبِيَّةَ الْمُسْتَأْمَنَةَ إِذَا تَزَوَّجَتْ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا فَقَدْ تَوَطَّنَتْ وَصَارَتْ ذِمِّيَّةً؛ لأَِنَّ الْمَرْأَةَ فِي الْمَسْكَنِ تَابِعَةٌ لِلزَّوْجِ، أَلاَ تَرَى أَنَّهَا لاَ تَمْلِكُ الْخُرُوجَ إِلاَّ بِإِذْنِهِ، فَجَعْلُهَا نَفْسَهَا تَابِعَةً لِمَنْ هُوَ فِي دَارِنَا رِضًى بِالتَّوَطُّنِ فِي دَارِنَا عَلَى التَّأْبِيدِ، وَرِضَاهَا بِذَلِكَ دَلاَلَةٌ كَالرِّضَى بِطَرِيقِ الإِْفْصَاحِ، فَلِهَذَا صَارَتْ ذِمِّيَّةً. بِخِلاَفِ الْمُسْتَأْمَنِ إِذَا تَزَوَّجَ ذِمِّيَّةً؛ لأَِنَّ الزَّوْجَ لاَ يَكُونُ تَابِعًا لاِمْرَأَتِهِ فِي الْمُقَامِ، فَزَوَاجُهُ مِنَ الذِّمِّيَّةِ لاَ يَدُل عَلَى رِضَاهُ بِالْبَقَاءِ فِي دَارِ الإِْسْلاَمِ، فَلاَ يَصِيرُ ذِمِّيًّا (١) .

وَأَمَّا الْحَنَابِلَةُ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ خَالَفُوا الْحَنَفِيَّةَ فِي هَذَا الْحُكْمِ، قَال صَاحِبُ الْمُغْنِي: إِذَا دَخَلَتِ الْحَرْبِيَّةُ إِلَيْنَا بِأَمَانٍ، فَتَزَوَّجَتْ ذِمِّيًّا فِي دَارِنَا، ثُمَّ أَرَادَتِ الرُّجُوعَ لَمْ تُمْنَعْ إِذَا رَضِيَ زَوْجُهَا أَوْ فَارَقَهَا، وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ: تُمْنَعُ (٢) .

وَلَمْ نَعْثُرْ فِي كُتُبِ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ عَلَى هَذَا الْحُكْمِ.

ج - شِرَاءُ الأَْرَاضِي الْخَرَاجِيَّةِ:

١٤ - قَرَّرَ الْحَنَفِيَّةُ أَنَّ الْمُسْتَأْمَنَ إِذَا اشْتَرَى أَرْضًا خَرَاجِيَّةً فِي دَارِ الإِْسْلاَمِ فَزَرَعَهَا، يُوضَعُ عَلَيْهِ خَرَاجُ الأَْرْضِ وَيَصِيرُ ذِمِّيًّا؛ لأَِنَّ وَظِيفَةَ الْخَرَاجِ تَخْتَصُّ بِالْمُقَامِ فِي دَارِ الإِْسْلاَمِ، فَإِذَا قَبِلَهَا فَقَدْ رَضِيَ بِكَوْنِهِ مِنْ أَهْل دَارِ الإِْسْلاَمِ فَيَصِيرُ ذِمِّيًّا. وَلَوْ بَاعَهَا قَبْل أَنْ يَجْبِيَ خَرَاجَهَا لاَ يَصِيرُ ذِمِّيًّا؛ لأَِنَّ دَلِيل قَبُول الذِّمَّةِ


(١) المبسوط للسرخسي ١٠ / ٨٤، والبدائع ٧ / ١١٠، والسير الكبير ٥ / ١٨٦٥، والزيلعي ٢ / ٢٦٩.
(٢) المغني ٨ / ٤٠٢.