للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَجُوزُ أَنْ يَبْنُوا فِيهِ مَجَامِعَ لِلْكُفْرِ، وَلَوْ عَاقَدَهُمُ الإِْمَامُ عَلَى التَّمَكُّنِ مِنْ ذَلِكَ فَالْعَقْدُ بَاطِلٌ (١) .

الثَّانِي: مَا فَتَحَهُ الْمُسْلِمُونَ عَنْوَةً، فَلاَ يَجُوزُ فِيهِ إِحْدَاثُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بِالاِتِّفَاقِ؛ لأَِنَّهُ صَارَ مِلْكًا لِلْمُسْلِمِينَ، وَمَا كَانَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ هَل يَجِبُ هَدْمُهُ؟ (٢) ؟ قَال الْمَالِكِيَّةُ: وَهُوَ وَجْهٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: لاَ يَجِبُ هَدْمُهُ؛ لأَِنَّ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَتَحُوا كَثِيرًا مِنَ الْبِلاَدِ عَنْوَةً فَلَمْ يَهْدِمُوا شَيْئًا مِنَ الْكَنَائِسِ.

وَيَشْهَدُ لِصِحَّةِ هَذَا وُجُودُ الْكَنَائِسِ وَالْبِيَعِ فِي الْبِلاَدِ الَّتِي فَتَحَهَا الْمُسْلِمُونَ عَنْوَةً، وَقَدْ كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى عُمَّالِهِ: أَلاَّ يَهْدِمُوا بِيعَةً وَلاَ كَنِيسَةً وَلاَ بَيْتَ نَارٍ.

وَفِي الأَْصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ وَجْهٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: يَجِبُ هَدْمُهُ، فَلاَ يَقَرُّونَ عَلَى كَنِيسَةٍ كَانَتْ فِيهِ؛ لأَِنَّهَا بِلاَدٌ مَمْلُوكَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ تَكُونَ فِيهَا بِيعَةٌ، كَالْبِلاَدِ الَّتِي اخْتَطَّهَا الْمُسْلِمُونَ.

وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهَا لاَ تُهْدَمُ، وَلَكِنْ تَبْقَى بِأَيْدِيهِمْ مَسَاكِنَ، وَيُمْنَعُونَ مِنَ اتِّخَاذِهَا لِلْعِبَادَةِ (٣) .


(١) فتح القدير ٥ / ٣٠٠، وجواهر الإكليل ١ / ٢٦٨، ومغني المحتاج ٤ / ٢٥٣، والمغني لابن قدامة ٨ / ٥٢٦.
(٢) المهذب ٢ / ٢٥٦، والدسوقي ٢ / ٢٠٤، وجواهر الإكليل ١ / ٢٦٨، والمغني لابن قدامة ٨ / ٥٢٧.
(٣) فتح القدير ٥ / ٣٠٠، وابن عابدين ٣ / ٢٦٣ ط بولاق، ومغني المحتاج ٤ / ٢٥٤، وأسنى المطالب ٤ / ٢٢٠، وقليوبي ٤ / ٢٣٤ - ٢٣٥.