للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثَّالِثُ: مَا فَتَحَهُ الْمُسْلِمُونَ صُلْحًا، فَإِنْ صَالَحَهُمُ الإِْمَامُ عَلَى أَنَّ الأَْرْضَ لَهُمْ وَالْخَرَاجَ لَنَا، فَلَهُمْ إِحْدَاثُ مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ فِيهَا مِنَ الْكَنَائِسِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ الأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ؛ لأَِنَّ الْمِلْكَ وَالدَّارَ لَهُمْ، فَيَتَصَرَّفُونَ فِيهَا كَيْفَ شَاءُوا. وَفِي مُقَابِل الأَْصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: الْمَنْعُ؛ لأَِنَّ الْبَلَدَ تَحْتَ حُكْمِ الإِْسْلاَمِ.

وَإِنْ صَالَحَهُمْ عَلَى أَنَّ الدَّارَ لَنَا، وَيُؤَدُّونَ الْجِزْيَةَ، فَالْحُكْمُ فِي الْكَنَائِسِ عَلَى مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الصُّلْحُ، وَالأَْوْلَى أَلاَّ يُصَالِحَهُمْ إِلاَّ عَلَى مَا وَقَعَ عَلَيْهِ صُلْحُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ عَدَمِ إِحْدَاثِ شَيْءٍ مِنْهَا.

وَإِنْ وَقَعَ الصُّلْحُ مُطْلَقًا، لاَ يَجُوزُ الإِْحْدَاثُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ: (الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ) ، وَيَجُوزُ فِي بَلَدٍ لَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ.

وَلاَ يَتَعَرَّضُ لِلْقَدِيمَةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلاَمِ الْمَالِكِيَّةِ، وَالأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ الْمَنْعُ مِنْ إِبْقَائِهَا كَنَائِسَ (١) .

ب - إِجْرَاءُ عِبَادَاتِهِمْ:

٢٥ - الأَْصْل فِي أَهْل الذِّمَّةِ تَرْكُهُمْ وَمَا يَدِينُونَ، فَيُقَرُّونَ عَلَى الْكُفْرِ وَعَقَائِدِهِمْ وَأَعْمَالِهِمُ الَّتِي يَعْتَبِرُونَهَا مِنْ أُمُورِ دِينِهِمْ، كَضَرْبِ النَّاقُوسِ خَفِيفًا فِي دَاخِل مَعَابِدِهِمْ، وَقِرَاءَةِ التَّوْرَاةِ وَالإِْنْجِيل فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَلاَ يُمْنَعُونَ مِنَ ارْتِكَابِ الْمَعَاصِي الَّتِي يَعْتَقِدُونَ بِجَوَازِهَا، كَشُرْبِ الْخَمْرِ، وَاتِّخَاذِ الْخَنَازِيرِ


(١) فتح القدير ٥ / ٣٠٠، والدسوقي ٢ / ٢٠٤، وجواهر الإكليل ١ / ٢٦٨، ومغني المحتاج ٤ / ٢٥٤، والمغني لابن قدامة ٨ / ٥٢٦، ٥٢٧.