للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَبَيْعِهَا، أَوِ الأَْكْل وَالشُّرْبِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ، وَغَيْرِ ذَلِكَ فِيمَا بَيْنَهُمْ، أَوْ إِذَا انْفَرَدُوا بِقَرْيَةٍ. وَيُشْتَرَطُ فِي جَمِيعِ هَذَا أَلاَّ يُظْهِرُوهَا وَلاَ يَجْهَرُوا بِهَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَإِلاَّ مُنِعُوا وَعُزِّرُوا، وَهَذَا بِاتِّفَاقِ الْمَذَاهِبِ، فَقَدْ جَاءَ فِي شُرُوطِ أَهْل الذِّمَّةِ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غُنْمٍ: " أَلاَّ نَضْرِبَ نَاقُوسًا إِلاَّ ضَرْبًا خَفِيًّا فِي جَوْفِ كَنَائِسِنَا، وَلاَ نُظْهِرَ عَلَيْهَا صَلِيبًا، وَلاَ نَرْفَعَ أَصْوَاتَنَا فِي الصَّلاَةِ وَلاَ الْقِرَاءَةَ فِي كَنَائِسِنَا، وَلاَ نُظْهِرُ صَلِيبًا وَلاَ كِتَابًا فِي سُوقِ الْمُسْلِمِينَ " إِلَخْ (١)

هَذَا، وَقَدْ فَصَّل بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ بَيْنَ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ وَبَيْنَ الْقُرَى، فَقَالُوا: لاَ يُمْنَعُونَ مِنْ إِظْهَارِ شَيْءٍ مِنْ بَيْعِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَالصَّلِيبِ وَضَرْبِ النَّاقُوسِ فِي قَرْيَةٍ، أَوْ مَوْضِعٍ لَيْسَ مِنْ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَوْ كَانَ فِيهِ عَدَدٌ كَثِيرٌ مِنْ أَهْل الإِْسْلاَمِ، وَإِنَّمَا يُكْرَهُ ذَلِكَ فِي أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ، وَهِيَ الَّتِي تُقَامُ فِيهَا الْجُمَعُ وَالأَْعْيَادُ وَالْحُدُودُ؛ لأَِنَّ الْمَنْعَ مِنْ إِظْهَارِ هَذِهِ الأَْشْيَاءِ لِكَوْنِهِ إِظْهَارَ شَعَائِرِ الْكُفْرِ فِي مَكَانِ إِظْهَارِ شَعَائِرِ الإِْسْلاَمِ، فَيَخْتَصُّ الْمَنْعُ بِالْمَكَانِ الْمُعَدِّ لإِِظْهَارِ الشَّعَائِرِ، وَهُوَ الْمِصْرُ الْجَامِعُ (٢) .

وَفَصَّل الشَّافِعِيَّةُ بَيْنَ الْقُرَى الْعَامَّةِ وَالْقُرَى الَّتِي يَنْفَرِدُ بِهَا أَهْل الذِّمَّةِ، فَلاَ يُمْنَعُونَ فِي الأَْخِيرَةِ مِنْ إِظْهَارِ عِبَادَاتِهِمْ (٣) .


(١) البناية على الهداية ٤ / ٨٣٧، وابن عابدين ٣ / ٢٧٢، والدسوقي ٢ / ٢٠٤، ومغني المحتاج ٤ / ٢٥٧، وكشاف القناع ٣ / ١٣٣.
(٢) بدائع الصنائع للكاساني ٧ / ١١٣.
(٣) المهذب ٢ / ٢٥٦.