للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ لاَ يَحْكُمُ إِلاَّ بِالشَّرِيعَةِ الإِْسْلاَمِيَّةِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَل اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَل اللَّهُ إِلَيْكَ} (١) .

مَا يُنْقَضُ بِهِ عَهْدُ الذِّمَّةِ

٤٢ - يَنْتَهِي عَهْدُ الذِّمَّةِ بِإِسْلاَمِ الذِّمِّيِّ؛ لأَِنَّ عَقْدَ الذِّمَّةِ عُقِدَ وَسِيلَةً لِلإِْسْلاَمِ، وَقَدْ حَصَل الْمَقْصُودُ.

وَيُنْتَقَضُ عَهْدُ الذِّمَّةِ بِلُحُوقِ الذِّمِّيِّ دَارَ الْحَرْبِ، أَوْ بِغَلَبَتِهِمْ عَلَى مَوْضِعٍ يُحَارِبُونَنَا مِنْهُ؛ لأَِنَّهُمْ صَارُوا حَرْبًا عَلَيْنَا، فَيَخْلُو عَقْدُ الذِّمَّةِ عَنِ الْفَائِدَةِ، وَهُوَ دَفْعُ شَرِّ الْحَرْبِ. وَهَذَا بِاتِّفَاقِ الْمَذَاهِبِ (٢) .

وَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ عَقْدَ الذِّمَّةِ يُنْتَقَضُ أَيْضًا بِالاِمْتِنَاعِ عَنِ الْجِزْيَةِ؛ لِمُخَالَفَتِهِ مُقْتَضَى الْعَقْدِ (٣) .

وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: لَوِ امْتَنَعَ الذِّمِّيُّ عَنْ إِعْطَاءِ الْجِزْيَةِ لاَ يُنْتَقَضُ عَهْدُهُ؛ لأَِنَّ الْغَايَةَ الَّتِي يَنْتَهِي بِهَا الْقِتَال الْتِزَامُ الْجِزْيَةِ لاَ أَدَاؤُهَا، وَالاِلْتِزَامُ بَاقٍ، وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُونَ الاِمْتِنَاعُ لِعُذْرِ الْعَجْزِ الْمَالِيِّ، فَلاَ يُنْقَضُ الْعَهْدُ بِالشَّكِّ (٤) .

٤٣ - وَهُنَاكَ أَسْبَابٌ أُخْرَى اعْتَبَرَهَا بَعْضُ الْفُقَهَاءِ نَاقِضَةً لِلْعَهْدِ مُطْلَقًا، وَبَعْضُهُمْ بِشُرُوطٍ:


(١) سورة المائدة / ٤٩.
(٢) الهداية مع الفتح ٥ / ٣٠٣، وجواهر الإكليل ١ / ٢٦٧، ومغني المحتاج ٤ / ٢٥٨، ٢٥٩، والأحكام السلطانية لأبي يعلى ص ١٤٣، ١٤٤.
(٣) جواهر الإكليل ١ / ٢٦٩، ومغني المحتاج ٤ / ٢٥٨، والأحكام السلطانية لأبي يعلى ١٤٥.
(٤) البدائع ٧ / ١١٣، وفتح القدير على الهداية ٥ / ٣٠٢، ٣٠٣.