للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَقْدَ الذِّمَّةِ، وَكَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ، وَجَبَ عَلَى الإِْمَامِ إِجَابَتُهُمْ إِلَيْهِ (١) .

وَلِتَفْصِيل أَحْكَامِ عَقْدِ الذِّمَّةِ، وَمَا يَنْعَقِدُ بِهِ، وَمِقْدَارُ الْجِزْيَةِ، وَعَلَى مَنْ تُفْرَضُ، وَبِمَ تَسْقُطُ، وَمَا يُنْتَقَضُ بِهِ عَقْدُ الذِّمَّةِ يُرْجَعُ إِلَى مُصْطَلَحِ (أَهْل الذِّمَّةِ) (وَجِزْيَةٌ) .

ذَبَائِحُ أَهْل الْكِتَابِ:

٦ - قَال ابْنُ قُدَامَةَ: أَجْمَعَ أَهْل الْعِلْمِ عَلَى إِبَاحَةِ ذَبَائِحِ أَهْل الْكِتَابِ؛ لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} (٢) يَعْنِي ذَبَائِحَهُمْ.

قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: طَعَامُهُمْ ذَبَائِحُهُمْ، وَكَذَلِكَ قَال مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةَ، وَرُوِيَ مَعْنَاهُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ.

وَأَكْثَرُ أَهْل الْعِلْمِ يَرَوْنَ إِبَاحَةَ صَيْدِهِمْ أَيْضًا، قَال ذَلِكَ عَطَاءٌ وَاللَّيْثُ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَلاَ نَعْلَمُ أَحَدًا ثَبَتَ عَنْهُ تَحْرِيمُ صَيْدِ أَهْل الْكِتَابِ.

وَلاَ فَرْقَ بَيْنَ الْعَدْل وَالْفَاسِقِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَأَهْل الْكِتَابِ.

وَلاَ فَرْقَ بَيْنَ الْحَرْبِيِّ وَالذِّمِّيِّ فِي إِبَاحَةِ ذَبِيحَةِ الْكِتَابِيِّ مِنْهُمْ، وَتَحْرِيمِ ذَبِيحَةِ مَنْ سِوَاهُ. وَسُئِل أَحْمَدُ عَنْ ذَبَائِحِ نَصَارَى أَهْل الْحَرْبِ فَقَال: لاَ بَأْسَ بِهَا. وَقَال ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ عَلَى هَذَا كُل مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْل الْعِلْمِ، مِنْهُمْ مُجَاهِدٌ وَالثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَلاَ فَرْقَ بَيْنَ الْكِتَابِيِّ الْعَرَبِيِّ وَغَيْرِهِمْ؛ لِعُمُومِ الآْيَةِ فِيهِمْ.

فَإِنْ كَانَ أَحَدُ أَبَوَيِ الْكِتَابِيِّ مِمَّنْ لاَ تَحِل


(١) المهذب ٢ / ٢٥٣.
(٢) سورة المائدة / ٥.