للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذَبِيحَتُهُ، وَالآْخَرُ مِمَّنْ تَحِل ذَبِيحَتُهُ، قَال الْحَنَابِلَةُ: لاَ يَحِل صَيْدُهُ وَلاَ ذَبِيحَتُهُ. وَقَال الشَّافِعِيُّ: إِنْ كَانَ الأَْبُ غَيْرَ كِتَابِيٍّ لاَ تَحِل، وَإِنْ كَانَ الأَْبُ كِتَابِيًّا فَفِيهِ قَوْلاَنِ: أَحَدُهُمَا: تُبَاحُ، وَهُوَ قَوْل مَالِكٍ وَأَبِي ثَوْرٍ. وَالثَّانِي: لاَ تُبَاحُ؛ لأَِنَّهُ وَجَدَ مَا يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ وَالإِْبَاحَةَ، فَغَلَبَ مَا يَقْتَضِي التَّحْرِيمُ.

وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ: تُبَاحُ ذَبِيحَتُهُ بِكُل حَالٍ لِعُمُومِ النَّصِّ؛ وَلأَِنَّهُ كِتَابِيٌّ يُقَرُّ عَلَى دِينِهِ، فَتَحِل ذَبِيحَتُهُ، كَمَا لَوْ كَانَ ابْنَ كِتَابِيَّيْنِ.

وَأَمَّا إِنْ كَانَ ابْنَ وَثَنِيَّيْنِ أَوْ مَجُوسِيَّيْنِ (وَهُوَ مِنْ أَهْل الْكِتَابِ) فَمُقْتَضَى مَذْهَبِ الأَْئِمَّةِ الثَّلاَثَةِ تَحْرِيمُهُ، وَمُقْتَضَى مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ حِلُّهُ؛ لأَِنَّ الاِعْتِبَارَ بِدِينِ الذَّابِحِ لاَ بِدِينِ أَبِيهِ، بِدَلِيل أَنَّ الاِعْتِبَارَ فِي قَبُول الْجِزْيَةِ بِذَلِكَ، وَلِعُمُومِ النَّصِّ وَالْقِيَاسِ (١)

وَأَمَّا ذَبْحُ الْكِتَابِيِّ لِمَا يَمْلِكُهُ الْمُسْلِمُ، فَقَدِ اخْتَلَفَ فُقَهَاءُ الْمَالِكِيَّةِ فِي إِبَاحَةِ ذَلِكَ أَوْ مَنْعِهِ عَلَى قَوْلَيْنِ، وَجَعَل ابْنُ عَرَفَةَ الْكَرَاهَةَ قَوْلاً ثَالِثًا، وَالرَّاجِحُ مِنْ تِلْكَ الأَْقْوَال الْقَوْل بِالْكَرَاهَةِ (٢) .

أَمَّا غَيْرُ الْمَالِكِيَّةِ فَلَمْ نَعْثُرْ لَهُمْ عَلَى نَصٍّ فِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا أَطْلَقُوا الْقَوْل فِي حِل ذَبِيحَةِ الْكِتَابِيِّ كَمَا سَبَقَ. وَلَمْ يُفَصِّلُوا كَمَا فَصَّل الْمَالِكِيَّةُ. وَالظَّاهِرُ مِنْ عِبَارَاتِهِمُ الْحِل.

نِكَاحُ نِسَاءِ أَهْل الْكِتَابِ:

٧ - فُقَهَاءُ الْمَذَاهِبِ مُتَّفِقُونَ عَلَى جَوَازِ نِكَاحِ الْمُسْلِمِ


(١) المغني ٨ / ٥٦٧، ٥٦٨.
(٢) حاشية الدسوقي ٢ / ١٠٢.