للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الذِّمَّةَ هِيَ مَحَل الْوُجُوبِ، وَلِهَذَا يُضَافُ إِلَيْهَا وَلاَ يُضَافُ إِلَى غَيْرِهَا بِحَالٍ، وَلِهَذَا اخْتَصَّ الإِْنْسَانُ بِالْوُجُوبِ دُونَ سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ الَّتِي لَيْسَتْ لَهَا ذِمَّةٌ.

وَقَدْ أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى ثُبُوتِ هَذِهِ الذِّمَّةِ لِلإِْنْسَانِ مُنْذُ وِلاَدَتِهِ، حَتَّى يَكُونَ صَالِحًا لِوُجُوبِ الْحُقُوقِ لَهُ وَعَلَيْهِ، فَيَثْبُتُ لَهُ مِلْكُ النِّكَاحِ بِتَزْوِيجِ الْوَلِيِّ إِيَّاهُ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْمَهْرُ بِعَقْدِ الْوَلِيِّ. (١)

أَنْوَاعُ أَهْلِيَّةِ الْوُجُوبِ:

٧ - أَهْلِيَّةُ الْوُجُوبِ نَوْعَانِ:

أ - أَهْلِيَّةُ الْوُجُوبِ النَّاقِصَةُ، وَتَتَمَثَّل فِي الْجَنِينِ فِي بَطْنِ أُمِّهِ، بِاعْتِبَارِهِ نَفْسًا مُسْتَقِلَّةً عَنْ أُمِّهِ ذَا حَيَاةٍ خَاصَّةٍ، فَإِنَّهُ صَالِحٌ لِوُجُوبِ الْحُقُوقِ لَهُ مِنْ وَجْهٍ كَمَا سَيَأْتِي، لاَ عَلَيْهِ؛ لأَِنَّ ذِمَّتَهُ لَمْ تَكْتَمِل مَا دَامَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ.

ب - أَهْلِيَّةُ الْوُجُوبِ الْكَامِلَةُ، وَهِيَ تَثْبُتُ لِلإِْنْسَانِ مُنْذُ وِلاَدَتِهِ، فَإِنَّهُ تَثْبُتُ لَهُ أَهْلِيَّةُ الْوُجُوبِ الْكَامِلَةُ؛ لِكَمَال ذِمَّتِهِ حِينَئِذٍ مِنْ كُل وَجْهٍ، فَيَكُونُ بِهَذَا صَالِحًا لِوُجُوبِ الْحُقُوقِ لَهُ وَعَلَيْهِ. (٢)

ثَانِيًا: أَهْلِيَّةُ الأَْدَاءِ:

٨ - سَبَقَ أَنَّ أَهْلِيَّةَ الأَْدَاءِ هِيَ: صَلاَحِيَّةُ الإِْنْسَانِ لِصُدُورِ الْفِعْل مِنْهُ عَلَى وَجْهٍ يُعْتَدَ بِهِ شَرْعًا (٣) .

وَأَهْلِيَّةُ الأَْدَاءِ هَذِهِ لاَ تُوجَدُ عِنْدَ الشَّخْصِ إِلاَّ إِذَا


(١) كشف الأسرار ٤ / ٢٣٧، ٢٣٨ ط دار الكتاب العربي.
(٢) التقرير والتحبير ٢ / ١٦٥ ط الأميرية، والتلويح على التوضيح ٢ / ١٦٣ ط صبيح، وأصول السرخسي ٢ / ٣٣٣ ط دار الكتاب العربي.
(٣) التلويح علي التوضيح ٢ / ١٦١ ط صبيح، والتقرير والتحبير ٣ / ١٦٤ ط الأميرية، وكشف الأسرار عن أصول البزدوي ٤ / ٢٣٧ ط دار الكتاب العربي.