للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَعَمِلَنَا إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ، فَأُعْطِينَا قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ، فَقَال: أَهْل الْكِتَابَيْنِ: أَيْ رَبَّنَا، أَعْطَيْتَ هَؤُلاَءِ قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ، وَأَعْطَيْتَنَا قِيرَاطًا قِيرَاطًا وَنَحْنُ كُنَّا أَكْثَرَ عَمَلاً؟ قَال: قَال اللَّهُ عَزَّ وَجَل: هَل ظَلَمْتُكُمْ مِنْ أَجْرِكُمْ مِنْ شَيْءٍ، قَالُوا: لاَ. قَال: فَهُوَ فَضْلِي أُوتِيهِ مَنْ أَشَاءُ (١)

دَل الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ مُدَّةَ الْعَصْرِ أَقَل مِنْ مُدَّةِ الظُّهْرِ وَلاَ يَكُونُ ذَلِكَ إِلاَّ إِذَا كَانَ آخِرُ وَقْتِ الظُّهْرِ الْمِثْلَيْنِ.

وَاسْتَدَل لأَِبِي حَنِيفَةَ كَذَلِكَ بِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَبْرِدُوا بِالظُّهْرِ، فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ وَالإِْبْرَادُ لاَ يَحْصُل إِلاَّ إِذَا كَانَ ظِل كُل شَيْءٍ مِثْلَيْهِ، لاَ سِيَّمَا فِي الْبِلاَدِ الْحَارَّةِ كَالْحِجَازِ (٢) .

وَالْمَشْهُورُ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الظُّهْرَ لَهُ وَقْتُ فَضِيلَةٍ وَهُوَ أَوَّلُهُ، وَوَقْتُ اخْتِيَارٍ إِلَى آخِرِهِ، وَوَقْتُ عُذْرٍ لِمَنْ يَجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ جَمْعَ تَأْخِيرٍ، فَيُصَلِّي الظُّهْرَ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ عِنْدَ الْجَمْعِ. (٣)

وَذَهَبَ مَالِكٌ إِلَى أَنَّ الْوَقْتَ الاِخْتِيَارِيَّ لِلظُّهْرِ إِلَى بُلُوغِ ظِل كُل شَيْءٍ مِثْلَهُ، وَوَقْتُهُ الضَّرُورِيُّ حِينَ الْجَمْعِ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ جَمْعَ تَأْخِيرٍ، فَيُصَلِّي


(١) حديث: " إنما بقاؤكم فيما سلف قبلكم من الأمم كما بين صلاة العصر. . . " أخرجه البخاري من حديث ابن عمر رضي الله عنهما (فتح الباري ٢ / ٣٨ ط السلفية، وعمدة القاري ٥ / ٥٠ ط المنيرية) .
(٢) حديث أبي سعيد: " أبردوا بالظهر فإن شدة الحر من فيح جهنم. . . . " أخرجه البخاري مرفوعا من حديث أبي سعيد رضي الله عنه (فتح الباري ٢ / ١٨ ط السلفية) وانظر البدائع ١ / ١٢٢، ١٢٣، وبداية المجتهد ١ / ٤٨.
(٣) حاشية شرح المنهاج ١ / ٢٧٠.