للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فِي مَعْنَى الشَّفَقِ، فَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّ الشَّفَقَ هُوَ الْبَيَاضُ الَّذِي يَظْهَرُ فِي جَوِّ السَّمَاءِ بَعْدَ ذَهَابِ الْحُمْرَةِ الَّتِي تَعْقُبُ غُرُوبَ الشَّمْسِ، وَذَهَبَ الصَّاحِبَانِ إِلَى أَنَّ الشَّفَقَ هُوَ الْحُمْرَةُ، وَهُوَ مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الشَّفَقَيْنِ يُقَدَّرُ بِثَلاَثِ دَرَجَاتٍ، وَهِيَ تَعْدِل اثْنَتَيْ عَشْرَةَ دَقِيقَةً. وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ لِلْعِشَاءِ سَبْعَةَ أَوْقَاتٍ: وَقْتُ فَضِيلَةٍ وَهُوَ أَوَّلُهُ، وَاخْتِيَارٌ إِلَى آخِرِ ثُلُثِ اللَّيْل الأَْوَّل، وَقِيل إِلَى نِصْفِ اللَّيْل لِحَدِيثِ: لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لأََخَّرْتُ صَلاَةَ الْعِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْل (١) وَجَوَازٌ بِلاَ كَرَاهَةٍ لِلْفَجْرِ الأَْوَّل، وَبِكَرَاهَةٍ إِلَى الْفَجْرِ الثَّانِي، وَوَقْتُ حُرْمَةٍ وَضَرُورَةٍ وَعُذْرٍ.

اسْتَدَل أَبُو حَنِيفَةَ عَلَى أَنَّ الشَّفَقَ هُوَ الْبَيَاضُ، بِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي حَدِيثِ: إِنَّ آخِرَ وَقْتِ الْمَغْرِبِ حِينَ يَسْوَدُّ الأُْفُقُ (٢) وَإِنَّمَا يَسْوَدُّ إِذَا خَفِيَتِ الشَّمْسُ فِي الظَّلاَمِ، وَهُوَ وَقْتُ مَغِيبِ الشَّفَقِ الأَْبْيَضِ. (٣)

وَاسْتَدَل الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الشَّفَقَ هُوَ الْحُمْرَةُ بِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي الْعِشَاءَ عِنْدَ


(١) حديث: " لولا أن أشق. . . " أخرجه الترمذي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا بلفظ: " لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم أن يؤخروا العشاء إلى ثلث الليل أو نصفه ". وقال: حديث أبي هريرة حديث صحيح (تحفة الأحوذي ١ / ٥٠٨ نشر المكتبة السلفية) .
(٢) حديث: " إن آخر وقت المغرب حين يسود الأفق. . . " أورده الزيلعي في نصب الراية بلفظ: " آخر وقت المغرب إذا اسود الأفق " واستغربه، وقال ابن حجر في الدراية: لم أجده لكن في حديث أبي مسعود عند أبي داود: ويصلي المغرب حين تسقط الشمس ويصلي العشاء حين يسود الأفق (نصب الراية ١ / ٢٣٤، والدراية ١ / ١٠٣، وعون المعبود ١ / ١٥٢ ط الهند) .
(٣) بدائع الصنائع ١ / ١٢٤.