للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَارَنَهَا، فَإِذَا زَالَتْ فَارَقَهَا، فَإِذَا دَنَتْ لِلْغُرُوبِ قَارَنَهَا، فَإِذَا غَرَبَتْ فَارَقَهَا، وَنَهَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّلاَةِ فِي تِلْكَ السَّاعَاتِ (١) .

وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ عَدَدَ أَوْقَاتِ الْكَرَاهَةِ اثْنَانِ: عِنْدَ الطُّلُوعِ وَعِنْدَ الاِصْفِرَارِ، أَمَّا وَقْتُ الاِسْتِوَاءِ فَلاَ تُكْرَهُ الصَّلاَةُ فِيهِ عِنْدَهُمْ، وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ عَمَل أَهْل الْمَدِينَةِ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ فِي وَقْتِ الاِسْتِوَاءِ، وَعَمَل أَهْل الْمَدِينَةِ حُجَّةٌ عِنْدَ مَالِكٍ؛ لأَِنَّ الْمَدِينَةَ مَوْطِنُ الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ، وَالْوَحْيُ كَانَ يَنْزِل بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ، فَلَوْ صَحَّ حَدِيثُ عُقْبَةَ بْنِ نَافِعٍ الَّذِي سَنَذْكُرُهُ فِيمَا بَعْدُ، وَالَّذِي يَدُل عَلَى النَّهْيِ فِي وَقْتِ الاِسْتِوَاءِ، لَعَمِلُوا بِهِ. (٢)

وَذَهَبَتِ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ الأَْوْقَاتَ الثَّلاَثَةَ مَكْرُوهَةٌ إِلاَّ فِي مَكَّةَ، وَإِلاَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عِنْدَ الاِسْتِوَاءِ. أَمَّا فِي مَكَّةَ فَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ لاَ تَمْنَعُوا أَحَدًا طَافَ بِهَذَا الْبَيْتِ وَصَلَّى أَيَّةَ سَاعَةٍ شَاءَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ (٣) .

وَأَمَّا يَوْمَ الْجُمُعَةِ عِنْدَ الاِسْتِوَاءِ فَلأَِنَّ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا يُصَلُّونَ فِي خِلاَفَةِ عُمَرَ فِي وَقْتِ الاِسْتِوَاءِ حَتَّى


(١) حديث: " إن الشمس تطلع ومعها قرن الشيطان. . . " أخرجه مالك في الموطأ واللفظ له والنسائي وابن ماجه، وقال الحافظ البوصيري: إسناده مرسل ورجاله ثقات (الموطأ ١ / ٢١٩ ط الحلبي، وسنن النسائي ١ / ٢٧٥، وسنن ابن ماجه ١ / ٣٩٧ ط الحلبي) .
(٢) بداية المجتهد ١ / ٥٣.
(٣) البجيرمي على الإقناع ٢ / ١٠٩ وما بعدها. وحديث: " يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحدا طاف. . . " أخرجه الترمذي والبغوي من حديث جبير بن مطعم وصححاه (سنن الترمذي ٣ / ٢٢٠ ط الحلبي، وشرح السنة ٣ / ٣٣١ نشر المكتب الإسلامي) .