للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَخْرُجَ إِلَيْهِمْ عُمَرُ لِيَخْطُبَ فِيهِمْ، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ.

٢٤ - وَلاَ يُعْلَمُ خِلاَفٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي كَرَاهَةِ التَّطَوُّعِ الْمُطْلَقِ فِي هَذِهِ الأَْوْقَاتِ. أَمَّا السُّنَنُ، فَقَدْ ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِلَى كَرَاهَتِهَا (١) لِحَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ: ثَلاَثُ سَاعَاتٍ كَانَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَانَا أَنْ نُصَلِّيَ فِيهِنَّ، أَوْ أَنْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا: حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً حَتَّى تَرْتَفِعَ، وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ حَتَّى تَمِيل الشَّمْسُ، وَحِينَ تُضَيَّفُ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ - أَيْ حِينَ تَمِيل - حَتَّى تَغْرُبَ (٢) . وَالْمُرَادُ بِقَبْرِ الْمَوْتَى فِي الْحَدِيثِ صَلاَةُ الْجِنَازَةِ، لاَ الدَّفْنُ، فَإِنَّ الدَّفْنَ فِي هَذِهِ الأَْوْقَاتِ غَيْرُ مَكْرُوهٍ.

وَعَنْ مَالِكٍ رِوَايَتَانِ: إِحْدَاهُمَا إِبَاحَةُ السُّنَنِ فِي هَذِهِ الأَْوْقَاتِ، إِلاَّ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ فَإِنَّهَا مَكْرُوهَةٌ عِنْدَهُ، وَالثَّانِيَةُ: كَرَاهَةُ السُّنَنِ مُطْلَقًا فِي هَذِهِ الأَْوْقَاتِ.

وَحُجَّتُهُ عَلَى الرِّوَايَةِ الأُْولَى: أَنَّهُ وَرَدَ فِي هَذَا الْمَوْضُوعِ دَلِيلاَنِ مُتَعَارِضَانِ يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا (أَحَدُهُمَا) حَدِيثُ عُقْبَةَ الْمَارُّ ذِكْرُهُ، وَالَّذِي يَدُل عَلَى كَرَاهَةِ الصَّلاَةِ أَيَّ صَلاَةٍ كَانَتْ فِي هَذِهِ الأَْوْقَاتِ.

(ثَانِيهِمَا) قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَقَدَ أَحَدُكُمْ عَنِ الصَّلاَةِ أَوْ غَفَل فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا (٣) ، فَإِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ يَدُل عَلَى جَوَازِ الصَّلاَةِ فِي كُل وَقْتٍ عِنْدَ التَّذَكُّرِ. وَأَشَارَ ابْنُ رُشْدٍ إِلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ


(١) بدائع الصنائع ١ / ٣١٥ وما بعدها.
(٢) حديث عقبة بن عامر: " ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي. . . " أخرجه مسلم (صحيح مسلم ١ / ٥٦٨، ٥٦٩ ط الحلبي) .
(٣) أخرجه مسلم (١ / ٤٧٧ - ط الحلبي) .