للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْعَصْرِ بِعَرَفَةَ، يُصَلِّي الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ، وَيَتْرُكُ سُنَّةَ الظُّهْرِ الْبَعْدِيَّةَ، وَمِثْل ذَلِكَ الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ. فَيُصَلِّي الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ فِي وَقْتِ الْعِشَاءِ، وَيَتْرُكُ سُنَّةَ الْمَغْرِبِ الْبَعْدِيَّةَ؛ لأَِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَتَطَوَّعْ بَيْنَهُمَا.

قَال الْقُرْطُبِيُّ: فَأَمَّا الْفَصْل بَيْنَ الصَّلاَتَيْنِ بِعَمَلٍ غَيْرِ الصَّلاَةِ، فَقَدْ ثَبَتَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا جَاءَ الْمُزْدَلِفَةَ نَزَل فَتَوَضَّأَ، فَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ، ثُمَّ أَنَاخَ كُل إِنْسَانٍ بَعِيرَهُ فِي مَنْزِلِهِ، ثُمَّ أُقِيمَتِ الْعِشَاءُ فَصَلَّى، وَلَمْ يُصَل بَيْنَهُمَا. (١) وَقَال ابْنُ الْمُنْذِرِ: لاَ أَعْلَمُ خِلاَفًا فِي أَنَّ السُّنَّةَ أَلاَّ يَتَطَوَّعَ بَيْنَ الصَّلاَتَيْنِ. (٢)

الْوَقْتُ التَّاسِعُ: عِنْدَ ضِيقِ وَقْتِ الْمَكْتُوبَةِ:

٣٥ - لاَ يُعْلَمُ خِلاَفٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّهُ يَحْرُمُ التَّنَفُّل عِنْدَ ضِيقِ وَقْتِ الْمَكْتُوبَةِ، فَإِذَا ضَاقَ وَقْتُ الظُّهْرِ مَثَلاً، وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ إِلاَّ مَا يَسَعُ صَلاَتَهُ، حَرُمَ التَّنَفُّل لِمَا فِي التَّنَفُّل مِنْ تَرْكِ أَدَاءِ الصَّلاَةِ الْمَفْرُوضَةِ وَالاِشْتِغَال بِالنَّفْل، وَصَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ بِأَنَّهُ لَمْ تَنْعَقِدْ نَافِلَةً - وَلَوْ رَاتِبَةً - مَعَ ضِيقِ الْوَقْتِ. (٣)


(١) حديث أسامة بن زيد " أن النبي صلى الله عليه وسلم لما جاء المزدلفة. . . " أخرجه البخاري (فتح الباري ١ / ٢٤٠ ط السلفية) .
(٢) تفسير القرطبي ٢ / ٤٢٤، ٤٢٥ في تفسير قوله تعالى: (فإذا أفضتم من عرفات) في المسألة الخامسة عشر، ونهاية المحتاج ٣ / ٢٨١، وكشاف القناع ٢ / ٤٩٢، والدر المختار ورد المحتار ١ / ٤٨٥، ومراقي الفلاح وحاشية الطحطاوي ص ٢٣٩.
(٣) كشاف القناع ١ / ٢٦١، ونهاية المحتاج ٢ / ١١٤، وابن عابدين ١ / ٤٨٣، والحطاب ٢ / ٦٦.