للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُحْسِنُ التَّصَرُّفَ، وَلاَ يُخْشَى مِنْهُ الْخِيَانَةُ. (١) وَيُوَافِقُ الْحَنَفِيَّةَ فِي ذَلِكَ الْمَالِكِيَّةُ، حَيْثُ إِنَّهُمْ قَالُوا: الْمُرَادُ بِالْعَدَالَةِ الَّتِي هِيَ شَرْطٌ فِي الْوَصِيِّ: الأَْمَانَةُ وَالرِّضَى فِيمَا يَشْرَعُ فِيهِ وَيَفْعَلُهُ، بِأَنْ يَكُونَ حَسَنَ التَّصَرُّفِ، حَافِظًا لِمَال الصَّبِيِّ، وَيَتَصَرَّفُ فِيهِ بِالْمَصْلَحَةِ. (٢)

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ مَا يَدُل عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ إِلَى الْفَاسِقِ صَحِيحَةٌ، فَإِنَّهُ قَال فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ: إِذَا كَانَ (يَعْنِي الْوَصِيَّ) مُتَّهَمًا لَمْ تَخْرُجْ مِنْ يَدِهِ. وَهَذَا يَدُل عَلَى صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ إِلَيْهِ، وَيَضُمُّ الْحَاكِمُ إِلَيْهِ أَمِينًا. (٣)

أَمَّا الذُّكُورَةُ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ بِشَرْطٍ فِي الْوَصِيِّ، فَيَصِحُّ الإِْيصَاءُ إِلَى الْمَرْأَةِ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَوْصَى إِلَى ابْنَتِهِ حَفْصَةَ، وَلأَِنَّ الْمَرْأَةَ مِنْ أَهْل الشَّهَادَةِ كَالرَّجُل، فَتَكُونُ أَهْلاً لِلْوِصَايَةِ مِثْلَهُ. (٤)

الْوَقْتُ الْمُعْتَبَرُ لِتَوَافُرِ الشُّرُوطِ فِي الْمُوصَى إِلَيْهِ:

١٢ - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْوَقْتِ الْمُعْتَبَرِ لِتَوَافُرِ الشُّرُوطِ الْمَطْلُوبَةِ فِي الْمُوصَى إِلَيْهِ، فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْصَحِّ عِنْدَهُمْ، وَهُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّ الْوَقْتَ الْمُعْتَبَرَ لِتَحَقُّقِ الشُّرُوطِ فِي الْمُوصَى إِلَيْهِ أَوْ عَدَمُ تَحَقُّقِهَا هُوَ وَقْتُ وَفَاةِ الْمُوصِي؛ لأَِنَّ هَذَا الْوَقْتَ هُوَ وَقْتُ اعْتِبَارِ الْقَبُول وَتَنْفِيذُ الإِْيصَاءِ،


(١) الدر وحاشية ابن عابدين ٦ / ٧٠٠.
(٢) الشرح الكبير وحاشية الدسوقي ٤ / ٤٠٢، والشرح الصغير وحاشية الصاوي ٢ / ٤٧٤.
(٣) المغني ٦ / ١٣٨.
(٤) مغني المحتاج ٣ / ٧٥، والشرح الكبير وحاشية الدسوقي ٤ / ٤٠٢، والمغني ٦ / ١٣٧.