للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَاسْتِثْمَارُ مَال الصِّغَارِ وَمَنْ فِي حُكْمِهِمْ وَاجِبٌ عَلَى الْوَصِيِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ؛ لِقَوْل عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: ابْتَغُوا فِي أَمْوَال الْيَتَامَى، لاَ تَأْكُلْهَا الصَّدَقَةُ (١) وَمَنْدُوبٌ أَوْ مُسْتَحَبٌّ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ؛ لأَِنَّ فِيهِ خَيْرًا وَنَفْعًا لأَِصْحَابِ الْمَال، وَالشَّرْعُ يَحُثُّ عَلَى فِعْل مَا فِيهِ الْخَيْرُ لِلنَّاسِ، وَلَمْ يُوجَدْ مَا يَدُل عَلَى الْوُجُوبِ، وَالأَْمْرُ بِالاِتِّجَارِ فِي قَوْل عُمَرَ مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ، كَمَا قَال ابْنُ رُشْدٍ. (٢)

ج - وَلِلْوَصِيِّ الإِْنْفَاقُ عَلَى الصِّغَارِ وَمَنْ فِي حُكْمِهِمْ بِحَسَبِ قِلَّةِ الْمَال وَكَثْرَتِهِ بِالْمَعْرُوفِ، فَلاَ يَضِيقُ عَلَى صَاحِبِ الْمَال الْكَثِيرِ دُونَ نَفَقَةِ مِثْلِهِ، وَلاَ يُوَسِّعُ عَلَى صَاحِبِ الْمَال الْقَلِيل بِأَكْثَرَ مِنْ نَفَقَةِ مِثْلِهِ.

وَلَهُ أَنْ يَدْفَعَ مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ مِنَ النَّفَقَةِ إِلَيْهِمْ أَوْ إِلَى مَنْ يَكُونُونَ فِي حَضَانَتِهِ لِمُدَّةِ شَهْرٍ، إِذَا عَلِمَ أَنَّهُمْ لاَ يُتْلِفُونَهُ، فَإِنْ خَافَ إِتْلاَفَهُ دَفَعَ إِلَيْهِمْ مَا يَحْتَاجُونَهُ يَوْمًا فَيَوْمًا.

وَنَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّ لاَ يَضْمَنُ مَا أَنْفَقَهُ فِي الْمُصَاهَرَاتِ بَيْنَ الْيَتِيمِ وَالْيَتِيمَةِ وَغَيْرِهِمَا فِي خَلْعِ الْخَاطِبِ أَوِ الْخَطِيبَةِ، وَفِي الضِّيَافَاتِ الْمُعْتَادَةِ، وَالْهَدَايَا الْمَعْهُودَةِ، وَفِي الأَْعْيَادِ - وَإِنْ كَانَ لَهُ مِنْهُ بُدٌّ - وَفِي اتِّخَاذِ ضِيَافَةٍ لِخَتْنِهِ لِلأَْقَارِبِ وَالْجِيرَانِ، مَا لَمْ يُسْرِفْ فِيهِ، وَكَذَا لِمُؤَدِّبِهِ، وَمَنْ عِنْدَهُ مِنَ الصِّبْيَانِ،


(١) الأثر عن عمر: " ابتغوا في أموال اليتامى. . . " أخرجه البيهقي (٤ / ١٠٧ - ط دائرة المعارف العثمانية) وقال: إسناده صحيح.
(٢) الشرح الكبير وحاشية الدسوقي ٤ / ٤٠٥، وحاشية الشلبي ٦ / ٢١٣، والمغني ٤ / ٢٤٠، وحاشية القليوبي ٢ / ٣٠٤، وخبايا الزوايا ص ٢٧٦.