للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَسَاسُ هَذَا الاِخْتِلاَفِ هُوَ الاِخْتِلاَفُ فِي اعْتِبَارِ طَلاَقِهِ وَعَدَمِ اعْتِبَارِهِ: فَمَنْ قَال بِاعْتِبَارِ طَلاَقِهِ قَال بِاعْتِبَارِ إِيلاَئِهِ، وَمَنْ قَال بِعَدَمِ اعْتِبَارِ طَلاَقِهِ قَال بِعَدَمِ اعْتِبَارِ إِيلاَئِهِ؛ لأَِنَّ الإِْيلاَءَ كَطَلاَقٍ مُعَلَّقٍ عِنْدَ بَعْضِهِمْ، وَسَبَبٌ لِلطَّلاَقِ عِنْدَ آخَرِينَ، فَيَكُونُ لَهُ حُكْمُهُ (١) .

د - مَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُدَّةِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهَا:

١٤ - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الإِْيلاَءَ لاَ بُدَّ لَهُ مِنْ مُدَّةٍ يَحْلِفُ الزَّوْجُ عَلَى تَرْكِ قُرْبَانِ زَوْجَتِهِ فِيهَا.

لَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِ هَذِهِ الْمُدَّةِ. فَقَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنَّ مُدَّةَ الإِْيلاَءِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ أَوْ أَكْثَرُ، وَهُوَ قَوْل عَطَاءٍ وَالثَّوْرِيِّ وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ.

فَلَوْ حَلَفَ الرَّجُل عَلَى تَرْكِ قُرْبَانِ زَوْجَتِهِ أَقَل مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لاَ يَكُونُ إِيلاَءً، بَل يَكُونُ يَمِينًا. فَإِذَا حَنِثَ بِالْوَطْءِ قَبْل مُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لَزِمَتْهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ.

وَعَلَى هَذَا لَوْ حَلَفَ الزَّوْجُ: أَلاَّ يَطَأَ زَوْجَتَهُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ كَانَ إِيلاَءً بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ، وَكَذَلِكَ لَوْ حَلَفَ: أَلاَّ يَقْرَبَ زَوْجَتَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ مُدَّةً، أَوْ قَال: أَبَدًا، فَإِنَّهُ يَكُونُ إِيلاَءً بِالاِتِّفَاقِ أَيْضًا. أَمَّا لَوْ حَلَفَ أَلاَّ يَقْرَبَ زَوْجَتَهُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ إِيلاَءً عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَلاَ يَكُونُ إِيلاَءً عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ. وَلَوْ حَلَفَ: أَلاَّ يَقْرَبَ زَوْجَتَهُ أَقَل مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنَّهُ لاَ يَكُونُ إِيلاَءً عِنْدَ الْجَمِيعِ (٢) .


(١) نفس المراجع.
(٢) البدائع ٣ / ١٧١، والهداية وفتح القدير ٣ / ١٨٣، وحاشية ابن عابدين ٢ / ٤٨٥، والخرشي ٣ / ٢٣٠، ومغني المحتاج ٣ / ٣٤٣، والمغني لابن قدامة ٧ / ٣٠٠.