للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَوِ الطَّلاَقِ إِنْ لَمْ يَفِئْ عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ فِي قَوْلِهِ الْمُوَافِقِ لأَِبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ.

أَمَّا عِنْدَ أَحْمَدَ وَالشَّافِعِيِّ (فِي أَحَدِ أَقْوَالِهِ) فَلِلزَّوْجَةِ أَنْ تَرْفَعَ الأَْمْرَ إِلَى الْقَاضِي، وَالْقَاضِي يَقِفُ الزَّوْجَ، فَإِمَّا أَنْ يَفِيءَ أَوْ يُطَلِّقَ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَل طَلَّقَ عَلَيْهِ الْقَاضِي.

وَعِنْدَ زُفَرَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: يَقَعُ عَلَيْهَا طَلاَقٌ بَائِنٌ بِمُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ زَوَاجِهَا بِهِ مِنْ غَيْرِ وِقَاعٍ.

وَحُجَّةُ الأَْوَّلِينَ: أَنَّ الْحِل الثَّابِتَ بِالزَّوَاجِ الأَْوَّل قَدْ زَال بِالْكُلِّيَّةِ بِالطَّلاَقِ الثَّلاَثِ، وَالْحِل الْحَاصِل بِالزَّوَاجِ الثَّانِي حِلٌّ جَدِيدٌ، وَلِهَذَا يَمْلِكُ فِيهِ الزَّوْجُ ثَلاَثَ طَلْقَاتٍ، فَصَارَ إِيلاَؤُهُ فِي الزَّوَاجِ الأَْوَّل كَإِيلاَئِهِ مِنِ امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ.

وَحُجَّةُ الآْخَرِينَ: أَنَّ الْيَمِينَ صَدَرَتْ مُطَلَّقَةً غَيْرَ مُقَيَّدَةٍ بِالْحِل الَّذِي كَانَ قَائِمًا وَقْتَ صُدُورِهَا، وَعَلَى هَذَا تُوجَدُ الْيَمِينُ عِنْدَمَا يَتَحَقَّقُ حِل الْمَرْأَةِ لِلرَّجُل، بِلاَ فَرْقٍ بَيْنَ الْحِل الَّذِي كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَ صُدُورِهَا، وَبَيْنَ الْحِل الَّذِي وُجِدَ بَعْدَ زَوَال الْحِل الأَْوَّل. فَإِذَا عَادَتِ الْمَرْأَةُ إِلَى الزَّوْجِ الَّذِي آلَى مِنْهَا صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُمْتَنِعٌ مِنْ جِمَاعِ امْرَأَتِهِ بِنَاءً عَلَى يَمِينِهِ، فَيَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ الإِْيلاَءِ كَمَا لَوْ لَمْ يُطَلِّقْ (١) .

أَمَّا الإِْيلاَءُ فِي حَقِّ الْحِنْثِ، فَإِنَّهُ بَاقٍ بَعْدَ الطَّلاَقِ الثَّلاَثِ عِنْدَ هَؤُلاَءِ الْفُقَهَاءِ جَمِيعًا. وَعَلَى هَذَا لَوْ آلَى الرَّجُل مِنْ زَوْجَتِهِ إِيلاَءً مُطْلَقًا عَنِ التَّقْيِيدِ بِمُدَّةٍ، أَوْ مُؤَبَّدًا، وَلَمْ يُجَامِعْهَا، ثُمَّ طَلَّقَهَا ثَلاَثًا، وَعَادَتْ إِلَيْهِ بَعْدَ أَنْ تَزَوَّجَتْ رَجُلاً آخَرَ، ثُمَّ جَامَعَهَا حَنِثَ فِي يَمِينِهِ، وَلَزِمَتْهُ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ إِنْ كَانَتِ


(١)
) المراجع السابقة، والمغني لابن قدامة ٧ / ٣٣٥.