للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وَقَدْ يَجْتَمِعُ التَّصْرِيحُ بِالْعِلَّةِ وَالإِْيمَاءِ بِهَا، وَمِثَالُهُ قَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَنْ سَأَلَهُ عَنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ، فَقَال: أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إِذَا يَبِسَ؟ قَال: نَعَمْ. قَال: فَلاَ، إِذَنْ (١) فَإِنَّ " إِذَنْ " صَرِيحٌ فِي التَّعْلِيل.

وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ " إِذَنْ " لَفُهِمَ التَّعْلِيل مِنَ الْقَرِينَةِ، فَاجْتَمَعَا.

ب - أَنْ يَقْتَرِنَ الْوَصْفُ الْمُنَاسِبُ بِالْحُكْمِ فِي كَلاَمِ الْمُتَكَلِّمِ: وَمِثَالُهُ قَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْهِرَّةِ: إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ، إِنَّهَا مِنَ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ (٢) ، فَأَفْهَمَ أَنَّ عِلَّةَ طَهَارَتِهَا الطَّوَافُ، إِذْ لَوْ لَمْ يَكُنْ هَذَا الْوَصْفُ عِلَّةً لَكَانَ لَغْوًا، أَوْ - عَلَى تَعْبِيرِ بَعْضِ الأُْصُولِيِّينَ - لَكَانَ بَعِيدًا جِدًّا، فَيُحْمَل الْوَصْفُ عَلَى التَّعْلِيل، صِيَانَةً لِكَلاَمِ الشَّارِعِ عَنِ اللَّغْوِ وَالْعَبَثِ (٣) .

ج - وَمِنْهُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ حُكْمَيْنِ بِوَصْفَيْنِ، فَيُعْلَمُ أَنَّ أَحَدَهُمَا عِلَّةٌ لأَِحَدِ الْحُكْمَيْنِ، وَالآْخَرَ عِلَّةٌ لِلآْخَرِ.

وَالتَّفْرِيقُ يَكُونُ بِطُرُقٍ:

(١) إِمَّا بِصِيغَةِ صِفَةٍ. مِثْل حَدِيثِ لِلْفَارِسِ


(١) حديث: " أينقص الرطب إذا يبس. . . " أخرجه أبو داود (٣ / ٦٥٧ - ط عزت عبيد دعاس) وصححه ابن المديني والترمذي وغيرهما. (بلوغ المرام لابن حجر ص ١٩٣ - ط عبد الحميد أحمد حنفي) .
(٢) حديث: " إنها ليست بنجس، إنها من الطوافين عليكم " أخرجه أبو داود (١ / ٦٠ - ط عزت عبيد دعاس) والترمذي (١ / ١٥٤ - ط الحلبي) وصححه البخاري والعقيلي. (التلخيص لابن حجر ١ / ٤١ - ط دار المحاسن)
(٣) الاحتمال البعيد الذي يصان عنه كلام الشارع في مثل هذا، يقع مثله في الكلام. كما لو قال الولد لأبيه طلعت الشمس. فقال له: اسقني ماء. فليس طلوع الشمس سببا لسقي الماء بل هو كلام منقطع عن الأول. (المستصفى) .