للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَكَانَ النَّاسُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ وَبِمَعْبُودَاتِهِمْ كَاللاَّتِ وَالْعُزَّى، وَبِمَا يُعَظِّمُونَهُ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ مِمَّا لاَ يَعْبُدُونَ كَالآْبَاءِ وَالأُْمَّهَاتِ وَالْكَعْبَةِ، وَبِمَا يَحْمَدُونَهُ مِنَ الأَْخْلاَقِ كَالأَْمَانَةِ.

وَفِي صَدْرِ الإِْسْلاَمِ بَطَل تَعْظِيمُهُمْ لِلأَْصْنَامِ وَنَحْوِهَا مِمَّا كَانُوا يَعْبُدُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ، فَبَطَل حَلِفُهُمْ بِهَا إِلاَّ مَا كَانَ سَبْقَ لِسَانٍ، وَاسْتَمَرَّ حَلِفُهُمْ بِمَا يُحِبُّونَهُ وَيُعَظِّمُونَهُ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ، فَنَهَاهُمْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ وَأَمَرَهُمْ بِالاِقْتِصَارِ عَلَى الْحَلِفِ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ كُلِّهِ تَفْصِيلاً.

٧ - الْقِسْمُ الثَّانِي: التَّعْلِيقُ، وَيُمْكِنُ تَحْصِيل الْغَايَةِ الْعَامَّةِ مِنَ الْيَمِينِ - وَهِيَ تَأْكِيدُ الْخَبَرِ أَوِ الْحَثِّ أَوِ الْمَنْعِ - بِطَرِيقٍ آخَرَ، وَهُوَ تَرْتِيبُ الْمُتَكَلِّمِ جَزَاءً مَكْرُوهًا لَهُ فِي حَالَةِ مُخَالَفَةِ الْوَاقِعِ أَوْ تَخَلُّفِ الْمَقْصُودِ.

وَلِهَذَا الْجَزَاءِ أَنْوَاعٌ كَثِيرَةٌ بِحَسَبِ الْعَادَةِ، لَكِنْ لَمْ يَعْتَبِرِ الْفُقَهَاءُ مِنْهَا إِلاَّ سِتَّةَ أَنْوَاعٍ وَهِيَ: الْكُفْرُ، وَالطَّلاَقُ، وَالظِّهَارُ، وَالْحَرَامُ، وَالْعِتْقُ، وَالْتِزَامُ الْقُرْبَةِ.

وَأَمْثِلَتُهَا: إِنْ فَعَلْتُ كَذَا، أَوْ: إِنْ لَمْ أَفْعَل كَذَا، أَوْ: إِنْ لَمْ يَكُنِ الأَْمْرُ كَمَا قُلْتُ فَهُوَ بَرِيءٌ مِنَ الإِْسْلاَمِ. أَوْ: فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ، أَوْ: فَامْرَأَتُهُ عَلَيْهِ كَظَهْرِ أُمِّهِ، أَوْ: فَحَلاَل اللَّهِ عَلَيْهِ حَرَامٌ، أَوْ: فَعَبْدُهُ حُرٌّ، أَوْ فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ (١) .


(١) يلاحظ أن التعبير بضمائر الغائب جريا على ما اعتاده المؤلفون في كتبهم الفقهية، حذرا من بشاعة الحكاية بضمائر المتكلم، ولأن الشيطان قد يوسوس للحاكي فينوي ما يحكيه فيقع في المحذور، ومن أراد معرفة ما يقوله الحالف نصا فليستبدل بضمائر الغائب ضمائر المتكلم، ول